الجمعة، 13 مايو 2011

هل قتل حقا أسامة بن لادن أبرياء؟




هل قتل حقا أسامة بن لادن أبرياء؟
للجواب على هذا السؤال وكما وعدت في أول المقال بأني لن أقول فلان قال أو علان قال ولكني سأردّ بالحجة البالغة بمالكنا قال ورسولنا قال: {إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ }آل عمران140
إن أصابتكم -أيها المؤمنون- جراح أو قتل في غزوة "أُحد" فحزنتم لذلك, فقد أصاب المشركين جراح وقتل مثل ذلك في غزوة "بدر". وتلك الأيام يُصَرِّفها الله بين الناس, نصر مرة وهزيمة أخرى, لما في ذلك من الحكمة, حتى يظهر ما علمه الله في الأزل ليميز الله المؤمن الصادق مِن غيره, ويُكْرِمَ أقوامًا منكم بالشهادة. والله لا يحب الذين ظلموا أنفسهم, وقعدوا عن القتال في سبيله.
وقال جل شأنه : {الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَوْاْ أَجْرٌ عَظِيمٌ }آل عمران172
الذين لبُّوا نداء الله ورسوله وخرجوا في أعقاب المشركين إلى "حمراء الأسد" بعد هزيمتهم في غزوة "أُحد" مع ما كان بهم من آلام وجراح, وبذلوا غاية جهدهم, والتزموا بهدي نبيهم, للمحسنين منهم والمتقين ثواب عظيم.
{إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }التوبة111
إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم بأن لهم في مقابل ذلك الجنة, وما أعد الله فيها من النعيم لبذلهم نفوسهم وأموالهم في جهاد أعدائه لإعلاء كلمته وإظهار دينه, فيَقْتلون ويُقتَلون, وعدًا عليه حقًا في التوراة المنزلة على موسى عليه السلام, والإنجيل المنزل على عيسى عليه السلام, والقرآن المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم. ولا أحد أوفى بعهده من الله لمن وفَّى بما عاهد الله عليه, فأظهِروا السرور-أيها المؤمنون- ببيعكم الذي بايعتم الله به, وبما وعدكم به من الجنة والرضوان, وذلك البيع هو الفلاح العظيم.
وأمر سقوط الضحايا في المسلمين أمر مهم وعظيم إلا أن أكثر من يأخذ علمه عن الإعلاميين قد وقع في الخطر لأنه أخذ الأمر بعاطفته لا بشرع ربه والدين .كان أولى به أن يبكيَ ويصرخ ويجأر ليدافع عن الذين يموتون مخمورين ومخدّرين ومستبيحين لكل الحرمات أو ان يدافع عن الذين يموتون سكارى على أبواب الحانات لا أن يبكي ويولول بعاطفة زائفة على أناس اتخذهم الله شهداء.
ولقد بينت الشريعة الإسلامية هذا الأمر وجلته لكن أهل الصحافة توّهوه وزيّفوه.
 ولقد وضحت المصادر التشريعية في الإسلام هذا الأمر ونحن هنا نود أن نعرّف الإخوة مسألة التترّس في الشرع و التي يستفسر عنها كثير من الناس بل وتتباين فيها الأفهام من بين السقيم منها والسليم فأقول وبالله التوفيق التترس هو أن يتترس جيش الكفار المهاجم منه أو المدافع محتميا بمن يحرم قتله من المسلمين وغيرهم ليمنع هذا الكافر عن نفسه أن تصل إليه يد المسلمين ،أو أن يتخذوا لهم معسكرات في المدن والقرى المسلمة يعني أن الكفرة جعلوا في مقدمتهم بعض المسلمين ليكونوا حماية لهم من ضرب المسلمين لهم ، على أنهم يكثرون الفساد ويحتلون البلاد ويضعفون بذلك شوكة المسلمين ، فهنا يجوز قتل المسلمين المتترس بهم تبعا لا قصدا ، أكرر: تبعا لا قصدا ، حتى لا يقوّلنا المتقولون ما لم نقل .

يعني: المسألة هنا مسألة اضطرارية يضطر لها المجاهدون أهل الرأي والخبرة ، وقد نقل الاتفاق بين العلماء على هذه المسألة جمع من العلماء ، وممن نقل ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وقدس روحه حيث قال في مجموع الفتاوى (20/ 52) (28/ 537، 546) قال: ولقد اتفق العلماء على أن جيش الكفار إذا تترسوا بمن عندهم من أسرى المسلمين وخيف على المسلمين الضرر إذا لم يقاتلوا فإنهم يقاتلون وإن أفضى ذلك إلى قتل المسلمين الذين تترسوا بهم. انتهى.
وممن نقل ذلك أيضا ابن قاسم في حاشية الروض (4 / 271) قال في الإنصاف: وإن تترسوا بمسلم لم يجز رميهم إلا أن نخاف على المسلمين فيرميهم ويقصد الكفار وهذا بلا نزاع. انتهى.
وأيضا القرطبي في تفسيره (16/287) قال قد يجوز قتل الترس ولا يكون فيه اختلاق إن شاء الله ، وذلك إذا كانت المصلحة ضرورية كلية قطعية ، فمعنى كونها ضرورية: أنها لا يحصل الوصول إلى الكفار إلا بقتل الترس ، ومعنى أنها كلية : أنها قاطعة لكل الأمة حتى يحصل من قتل الترس مصلحة كل المسلمين ، ومعنى كونها قطعية: أن تلك المصلحة حاصلة من قتل الترس قطعا ولا شك .
وأيضا الشوكاني في السيل الجرار (4/533) قال: جواز قتل المتترَّس بهم إذا كان في ذلك دفع لمفسدة عظيمة بمفسدة دونها بمراحل وأدلة الشريعة الكلية تقتضي هذا ... وفي الشر خيار ، ولكن لا يكتفي في ذلك بمجرد الظنون الكاذبة والخيالات المختلة .

يتبين من كل هذا أنه لا بد من تقييم ضرر الكفار حينها ، فإن كان ضررهم كبيرا فإن قتل بعض المسلمين حينئذ يكون مغتفرا من باب الجهاد فقط ، من باب النكاية والإثخان في العدو مع التضحية ببعض المسلمين فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وحسبنا الله ونعم الوكيل .
إذن لا يتوسع أحد توسعا غير محمود في هذه المسألة والذي يقدر هذه الأمور هم المجاهدون ، أما بالنسبة إلى المقتولين من المتترس بهم فإننا نحسبهم شهداء ، لأنهم قتلوا من أجل مصلحة الإسلام ولأنهم غير مستحقي القتل ، هذا إذا كانوا حقا أبرياء ، أما إذا كانوا ممن يقاتلون في جيش الكفار _ مكرهين أو غير مكرهين _ أو ممن يعينون الكفار على المسلمين ويظاهروهم فهؤلاء مرتدون كافرون خارجون عن شريعة الإسلام ، فمن كان منهم مكرها لا يستطيع الامتناع ، فهذا يحشر على نيته يوم القيامة ، وإن كان فيهم من هم من خيار الصالحين من المسلمين فإنهم يقتلون لأجل مصلحة الإسلام وهذا باتفاق المسلمين كما سلف .
وقد ثبت في البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها ما يثبت ذلك في الجيش الذي أراد أن ينتهك حرماته وفيهم المكره وغير المكره فأهلكهم الله تعالى جميعا مع قدرته على التمييز بينهم فذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله يبعثهم على نياتهم.
وليتنا نسمع ممن ينقمون على المجاهدين ويدّعون قتلهم للأبرياء أن يقولوا لنا كيف نمنع قتل الأبرياء بفلسطين إلا بالمجاهدين ؟ كيف نمنع قتل الأبرياء في العراق إلا بالمجاهدين ؟ كيف نمنع قتل الأبرياء في أفغانستان إلا بالمجاهدين ؟ وهل الذين يسقطون ضحايا الحرب في العراق شهداء والذين سقطوا ضحية للحرب في الرياض ليسوا شهداء ؟ وهل الذين يقتلون في غزة شهداء والذين قتلوا من المسلمين في الخُبر ليسوا شهداء؟
وهل الذين يقتلون في أفغانستان شهداء والذين قتلوا في باكستان ليسوا شهداء؟
فهل الشهادة مرتبطة بقطر أو بلد ؟
عندما أقاتل المعتدي الغاصب في بلاده أو بلاد إعداده أو بلاد تدريبه أو بلاد قواعده أو بلاد حربه أفلا يعد هذا جهاد ؟ أينما قاتلتهم فهو في سبيل الله.
قال تعالى{وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ }البقرة191

واقتلوا الذين يقاتلونكم من المشركين حيث وجدتموهم, وأخرجوهم من المكان الذي أخرجوكم منه وهو "مكة". والفتنة -وهي الكفر والشرك والصد عن الإسلام- أشد من قتلكم إياهم. ولا تبدؤوهم بالقتال عند المسجد الحرام تعظيمًا لحرماته حتى يبدؤوكم بالقتال فيه, فإن قاتلوكم في المسجد الحرام فاقتلوهم فيه. مثل ذلك الجزاء الرادع يكون جزاء الكافرين.
فنحن مطالبون أن نكون لهم إرهابيين ماداموا لله أعداء ولدينه محاربين.
{وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ }الأنفال60
وأعدُّوا - يا معشر المسلمين - لمواجهة أعدائكم كل ما تقدرون عليه مِن عدد وعدة, لتُدْخلوا بذلك الرهبة في قلوب أعداء الله وأعدائكم المتربصين بكم, وتخيفوا آخرين لا تظهر لكم عداوتهم الآن, لكن الله يعلمهم ويعلم ما يضمرونه. وما تبذلوا من مال وغيره في سبيل الله قليلا أو كثيرًا يخلفه الله عليكم في الدنيا, ويدخر لكم ثوابه إلى يوم القيامة, وأنتم لا تُنْقصون من أجر ذلك شيئًا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إن شاء الله سقرر المشرف نشره بعد مراجعته
حياكم الله تعالى وجزيتم خيرا لتفاعلكم