الجمعة، 26 سبتمبر 2014

قصيدة إبن دقيق العيد في الحج والزيارة



قصيدة إبن دقيق العيد في الحج والزيارة


من قصائد جدي الحبيب رحمه الله جل وعلا
شيخ الإسلام إبن دقيق العيد .. في الحج وزيارة بيت الله الحرام..


يَا سائراً نَحو الحجـاز مُـشـمـراً اجْهَدْ فَدَيْتك فِي المَسير وَفِي السُّرىَ
وتَدَرَّعَ الصبرَ الجمـيلَ ولا تـكُـنْ فِي مطلب المَجْدِ الأثيل مُقَـصـرَا
اقصدْ إِلَى حَيْثُ المكـارم والـنّـدى يلقاكَ وجههما مضـيئاً مُـقـمـرا
وإذا سهرتَ الليلَ فِي طلب الـعُـلا فحذار ثُمَّ حَذَار من خدع الـكَـرَى
إنْ كَلّت النجـبُ الـركـائب تـارة فأعِد لَهَا ذِكر الحـبـيب مُـكـررا
وابعث لَهَا سيَر الـمـدام فـإنـهـا بالذكر لا تنفك حَـتَّـى تَـسْـكَـرَا
وإذا اختفت طرق المسير وظَلَّ مِـنْ أشكالها نظر البـصـير مـحـيرا
فالقصد حَيْثُ النور يشرق ساطـعـاً والطرف حَيْثُ ترى الثَّرَى مُتعطرا
قِفْ بالمنازل والمَناهـل مـن لَـدُنْ وادي قباءَ إِلَى حِمـى أمّ الـقُـرى
وَتَوَخَّ آثار النَّبـي فـضَـع بِـهَـا متشرفاً خَدَّيك فِي عَفْـرِ الـثَّـرَى
وإذا رأيتَ مَهَابط الـوحـي الَّـتِـي نشرت عَلَى الآفـاق نـوراً أنـورا
فاعلم بأنك مَـا رأيتَ شـبـيهـهـا مذ كنتَ فِي ماضي الزمان ولا يرى 
شرفاً لأمـكـنة تـنـزل بـينـهـا جبريل عن رب السماء مُـخَـبِّـرا
فتأثَّرت عنـه بـأحـسـن بـهـجة أفدي الجمالَ مـؤثَّـرَا ومُـؤَثِّـرا
فتردد المخـتـارُ بَـيْنَ بـعـيدهـا وقريبها متـبـدياً مـتـحـضـرا
فَتَبرجَت بجـمـالـه وتَـشَـرَّفْـتَ بجلاله ورأت مـقـامـاً أكْـبَـرا
واستودعت من سِـرّه مـا كـاد أن يبدي لَنَا معنى الكَمـال مُـصَـوَّرَا
الله أكـبـر مَـا أعـزَّ جـنـابَـه وأجلَّ رفْعَتَه عَلَـى كـل الـوَرَى
ولقد أقول إِذَا الكواكـب أَشْـرَقَـتْ وترفعتْ فِي منتهى شرف الـذُّرَى
لا نَفخرنْ زهـرٌ فـإنّ مـحـمـداً أعلى عُلاً منها وأشرف جَـوهـرا
أحيى الله ببعثـه سُـنَـن الْـهُـدَى وأعاد من عهد النبـوة أَعْـصُـرَا
وأتى بِهِ والناس فِي ظُلَمِ الْـعَـمَـى مَوْتَى المعارف والقلوب فأنـشـرا
نلنا بِهِ مَـا قَـدْ رأينـا مِـن عُـلاً مع مَا نؤمل فِي القـيامة أن نـرى
فبه الـمـلاذُ تـقـدُّمـاً وتـأخـرا وَلَهُ الجميل مُحـقَّـقـاً ومـقَـرَّرَا
لله مَا فِـيهِ مـن الـشـرف الَّـذِي أعيا عَلَى حُسَّـابـه أن يَحْـصَـرَا
فسعـادة أزلـية سـبـقـت وَمَـا هو ثـابـت أزَلاً فـلـن يَتَـغَـيرا
وسـيادة بـارَى الأنـامَ بِـهَـا ولا سيما إِذَا قدموا عَلَيْهَا المـحـشـرا
وَزَهَادة مَا استصلحت شيئاً من الـدن يا لأن يُصـغِـي إِلَـيْهِ وينـظـرا
وجلالة فِي الخُـلْـق حَـتَّـى أنَّـه أثنى عَلَيْهَـا مـن بَـرَاهُ وَصَـوَّرَا
وطهارة فِي الخلـق حَـتَّـى أنَّـه يندَى مع الأعراف مِسـكـاً أذْفَـرَا
وتجاوزٌ يُنسى العـيوب تـكـرمـاً ويغادر الذنب الكبـير مُـحـقـرا
ومواهب يأتي لَهَا التَّأْمِـيلُ مُـسْـت قصَى فيرجع عندها مُستقـصِـرا
ومَهَابة مَلأَ القلـوب بَـهـاؤهـا واستنزلتْ كِبْرَ الملوك مصغَّـرا
ولربما كفتِ القتال فـلـو غـدت للَّيْثِ نال بِهَا الفـريسة مُـخْـدَرَا
وبديع لطف شمائل مـن دونـهـا ماء الغَمامة والنسـيم إِذَا سَـرَى
مع سطوة لله فِـي يوم الـوَغَـى تَعنو لشدّة بأسها أسْـدُ الـشَّـرَى
متعادل الطرفين فِي طرق العـلا عدلاً وحاشاه بـأن يَسْـتَـجْـوِرَا
لا يُنكرُ المعروفُ مـن أخـلاقـه فإذا استُبيح حِمَى الإِلهِ تـنـكّـرا
عضبا لو أن البيض تدرك كنـهـه دانت لَهَا رعباً فسالَـت أنـهـرا
وقي لقرب جَنَابـه وصـحـابـه شوقـاً يجـل يَسـيره أن يُذكـرا
أفنى كنوز الصبر من إسـرافـه وجرى عَلَى الأحشاء منه مَا جرى 
إن لاح صُبح كَانَ وجداً مقـلـقـاً أَوْ جنَّ ليلٌ كَانَ هَمّاً مـسـهـرا
لا وَاخَذَ الـلـه الـزمـانَ فـإنـه أعني مرداي منـه أن يتـيسـرا
أرجو وصال أحبتي فـكـأنـمـا أرجو المحال وجُودَه المتـعـذّرا
وأسير نحو مقامـهـم حَـتَّـى إِذَا شارفتُ رُؤْيته رجعتُ القَهْـقَـرا
متلوناً فِي الحال والمتغـير الأحْـوِ ال يلقـى شـربـه مـتـغـيرا
يَا خاتم الرسل الكـرام نـداءَ مَـنْ وافى إِلَيْكَ مديحه مـسـتـعـذرا
أنا ضيفك المدعو يوم معـادنـا ال مرجوّ فاجعل منْ قرايَ الكوثـرا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إن شاء الله سقرر المشرف نشره بعد مراجعته
حياكم الله تعالى وجزيتم خيرا لتفاعلكم