الأحد، 1 يناير 2012

من هم السلف ؟

السلف لغة: هو الماضي، كما في قول الله تعالى( فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ) البقرة 275. وقوله: إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (38) الأنفال .
قال بن منظور : سَلَفَ يَسْلُفُ سَلَفاً مثال طلَبَ يَطلُب طلَباً أَي مضى والقومُ السُّلاَّفُ المتقدّمون وسَلَفُ الرجل آباؤُه المتقدّمون والجمع أَسْلاف وسُلاَّفٌ وقال ابن بري سُلاَّفٌ ليس بجمع لسَلَفٍ وإما هو جمع سالِفٍ للمتقدّم وجمع سالِفٍ أَيضاً سَلَفٌ ومثله خالفٌ وخَلَفٌ ويجيء السلَفُ على معان السَّلَفُ القَرْضُ والسَّلَم ومصدر سَلَفَ سَلَفاً مضى والسَّلَفُ أَيضاً كلُّ عملٍ قدَّمه العبدُ والسَّلَفُ القوم المتقدّمون في السير([1])
تعريف السلف اصطلاحا: يطلق السلف ويراد به اصطلاح من توفر فيه شرطان:
الأول : زمني والمقصود منه من عاش في القرون الثلاثة الفاضلة
والثاني : شرط منهجي والمقصود منه من توفر فيه تقديمه النقل ( الكتاب والسنة وإجماع الأمة ) على العقل .

فأما الشرط الأول فدليله : قول الرسول فيما أخرجه البخاري عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِى ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ يَجِىءُ قَوْمٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ ([2])» . 
وأما الشرط الثاني فدليله : ما أخرجه الترمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أُمَّتِى مَا أَتَى عَلَى بَنِى إِسْرَائِيلَ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ حَتَّى إِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ أَتَى أُمَّهُ عَلاَنِيَةً لَكَانَ فِى أُمَّتِى مَنْ يَصْنَعُ ذَلِكَ وَإِنَّ بَنِى إِسْرَائِيلَ تَفَرَّقَتْ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِى عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً كُلُّهُمْ فِى النَّارِ إِلاَّ مِلَّةً وَاحِدَةً قَالُوا وَمَنْ هِىَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِى ».
إذن لفظ السلف يطلق إصطلاحا على من توفر فيه هذان الشرطان ، وحينما نقول علينا أن نتبع السلف فالمقصود من توفر فيه هذان الشرطان ، وإذا قلنا علينا أن نفهم الكتاب والسنة فالمقصود أن نفهمهم بفهم سلف الأمة وهم من توفر فيه هذان الشرطان
أما من جاء بعدهم فلا يطلق عليه سلف بالمعنى الاصطلاحي هذا .
ولكن من جاء بعدهم متبعا أثارهم فهو سلفي بمعنى المتابع لهم ،لا أنه منهم اصطلاحا  فهو مطالب بإتباعهم واقتفاء أثارهم ، ومطالب بفهم الكتاب والسنة بفهمهم ، ومطالب بأن يقدم النقل متمثلا في الكتاب والسنة على ما سواهم ، سواء كان العقل أو أراء الرجال..
فليست السلفية حزبًا من الأحزاب كما يظنه البعض ويدّعيه، بل هي نسبة إلى السلف الصالح،  الذين توفر فيهم شرطان الشرط الزمني وهم الذين عاشوا في فترة القرون الفاضلة ، والشرط المنهجي وهو أن يكون ممن يقدم النقل على ما سواه ..

 وهذا الشرط الأخير قد أخرج من عاش في هذه الفترة ولكنه قدم العقل على النقل مثل الجعد بن درهم ، والجهم بن صفوات ،ومثل القدرية الذين ظهروا في هذا الزمن وتبرأ منهم بن عمر ، ومنهم طلائع المرجئة وهم الذين تبرأ منهم علماء السلف في هذا الوقت  وغيرهم من رؤوس البدع في هذا الزمان فهؤلاء ليسوا من السلف وإن عاشوا في زمن السلف لعدم توفر الشرط المنهجي فيهم .
أما من أتى بعد زمن السلف فإن أطلق على نفسه هذا اللفظ، فليس المقصود من هذا الإطلاق أنه من السلف الصالح بالمدلول الاصطلاحي، ولكن المقصود أنه ممن يتبع السلف ، وهذه الدعوة لا تنطبق على كل من يدعيها حتى يتوفر له شرطها هو أن يقدم النقل على ما سواه ، ويفهم الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح ، وتتضح معالم السلف في معتقده ومنهجه وسمته وخلقه ودعوته ، أم من يدعي أنه سلفي ثم هو ينحرف عن منهج السلف سواء في معتقده أو منهجه أو دعوته ، فليس كل من ادعى أنه منتسب لشيء  كان على الحقيقة منتسبا لهذا الشيء ، فالعبرة بالمعاني وليس بالألفاظ والمباني .


[1] لسان العرب
[2] رواه البخاري ومسلم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إن شاء الله سقرر المشرف نشره بعد مراجعته
حياكم الله تعالى وجزيتم خيرا لتفاعلكم