الثلاثاء، 16 ديسمبر 2008

حلقات عن الختان ...3


وهذا مقام عظيم فيه غلط الغالطون وكره فيه الاشتباه على السالكين حتى زلق فيه من اكابر الشيوخ المدعين التحقيق والتوحيد والعرفان مالا يحصيهم الا الله الذى يعلم السر والاعلان والى هذا اشار الشيخ عبد القادر رحمه الله فيما ذكر عنه فبين ان كثيرا من الرجال إذا وصلوا الى إلى القضاء والقدر أمسكوا الا انا فإنى انفتحت لى فيه روزنة فنازعت اقدار الحق بالحق للحق والرجل من يكون منازعا للقدر لا من يكون موافقا للقدر.
والذى ذكره الشيخ رحمه الله هو الذى امر الله به ورسوله لكن كثير من الرجال غلطوا فإنهم قد يشهدون ما يقدر على احدهم من المعاصى والذنوب أو ما يقدر على الناس من ذلك بل من الكفر ويشهدون ان هذا جار بمشيئة الله وقضائه وقدرة داخل فى حكم ربوبيته ومقتضى مشيئته فيظنون الاستسلام لذلك وموافقته والرضا به ونحو ذلك دينا وطريقا وعبادة فيضاهون المشركين الذين قالوا {لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء} وقالوا {انطعم من لويشاء الله اطعمه} وقالوا {لو شاء الرحمن ما عبدناهم} ولو هدوا لعلموا أن القدر أمرنا ان نرضى به ونصبر على موجبه فى المصائب التى تصيبنا كالفقر والمرض والخوف قال تعالى ما اصاب من مصيبة الا باذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه قال بعض السلف هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم انها من عند الله فيرضى ويسلم وقال تعالى {ما اصاب من مصيبة فى الارض ولا فى انفسكم الا فى كتاب من قبل ان نبرأها ان ذلك على الله يسير لكيلا تأسوا علىما فاتكم ولا تفرحوا بما أتاكم}. وفى الصحيحين عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال احتج آدم وموسى فقال انمت آدم الذى خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه واسجد لك ملائكته وعلمك اسماء كل شئ فلماذا أخرجتنا ونفسك مكن الجنة فقال أدم أنت موسى الذى اصطفاك الله برسالته وبكلامه فهل وجدت ذلك مكتوبا على قبل ان أخلق قال نعم قال فحج آدم موسى وأدم عليه السلام لم يحتج على موسى بالقدر ظنا أن المذنب يحتج بالقدر قان هذا لايقوله مسلم ولا عاقل ولو كان هذا عذرا لكان عذرا لابليس وقوم هود وكل كافر ولا موسى لام آدم أيضا لأجل الذنب فان آدم قد تاب إلى ربه فاجتباه وهدى ولكن لامه لأجله المصيبة التى لحقتهم بالخطيئة ولهذا قال فلماذا أخرجتنا ونفسك من الجنة فأجابه آدم أن أن هذا كان مكتوبا قبل أن أخلق فكان العمل والمصيبةالمترتبة عليه مقدار وما قدر من المصائب يجب لاستسلام له فإنه من تمام الرضا بالله ربا.
واما الذنوب فليس للعبد ان يذنب واذا اذنب فعليه ان يستغفر وفيتوب من المعائب ويصبر على المصائب قال تعالى فاصبر ان وعد الله حق واستغفر لذنبك وقال تعالى {وان تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا} وقال {وان تصبروا وتتقوا فان ذلك من عزم الامور} وقال يوسف {انه من يتق ويصبر فان الله لا يضيع اجر المحسنين}

وكذلك ذنوب العباد يجب على العبد فيها ان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بحسب قدرته ويجاهد فى سبيل الله الكفار والمنافقين ويوالي اولياء الله ويعادي اعداء الله ويحب فى الله ويبغض فى الله كما قال تعالى {يا ايها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون اليهم بالمودة} الى قوله {قد كانت لكم اسوة حسنة فى ابراهيم والذين معه اذ قالوا لقومهم انا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء ابدا حتى تؤمنوا بالله وحده} وقال تعالى {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله} الى قوله {اولئك كتب فى قلوبهم الايمان وايدهم بروح منه} وقال تعالى {افنجعل المسلمين كالمجرمين} وقال {ام نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين فى الأرض ام نجعل المتقين كالفجار} وقال تعالى {ام حسب الذين اجترحوا السيئات ان نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون} وقال تعالى {وما يستوى الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور وما يستوى الأحياء ولا الاموات وقال تعالى ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا} وقال تعالى {ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء الى قوله بل اكثرهم لا يعلمون وضرب الله مثلا رجلين احدهما ابكم لا يقدر على شيء} الى قوله {وهو على صراط مستقيم} وقال تعالى {لا يستوى اصحاب النار واصحاب الجنة اصحاب الجنة هم الفائزون} ونظائر ذلك مما يفرق الله فيه بين اهل الحق والباطل واهل الطاعة واهل المعصية واهل البر واهل الفجور واهل الهدى والضلال واهل الغي والرشاد واهل الصدق والكذب.
فمن شهد الحقيقة الكونية دون الدينية سوى بين هذه الأجناس المختلفة التى فرق الله بينها غاية التفريق حتى يؤل به الأمر الى ان يسوى الله بالاصنام كما قال تعالى عنهم الله { ان كنا لفي ضلال مبين اذ نسويكم برب العالمين } بل قد آل الامر بهؤلاء الى ان سووا الله بكل موجود وجعلوا ما يستحقه من العبادة والطاعة حقا لكل موجود اذ جعلوه هو وجود المخلوقات وهذا من اعظم الكفر والالحاد برب العباد.
وهؤلاء يصل بهم الكفر الى انهم لا يشهدون انهم عباد لا بمعنى انهم معبدون ولا بمعنى انهم عابدون اذ يشهدون انفسهم هي الحق كما صرح بذلك طواغيتهم كابن عربي صاحب الفصوص وامثاله من الملحدين المفترين كابن سبعين وامثاله ويشهدون انهم هم العابدون والمعبودون وهذا ليس بشهود لحقيقة لا كونية ولا دينية بل هو ضلال وعمى عن شهود الحقيقة الكونية حيث جعلوا وجود الخالق هو وجود المخلوق وجعلوا كل وصف مذموم وممدوح نعتا للخالق والمخلوق اذ وجود هذا هو وجود هذا عندهم واما المؤمنون بالله ورسوله عوامهم وخواصهم الذين هم اهل الكتاب كما قال النبى صلى الله عليه وسلم ان لله اهلين من الناس قيل من هم يا رسول الله قال [اهل القرآن هم اهل الله وخاصته] فهؤلاء يعلمون ان الله رب كل شيء ومليكه وخالقه وان الخالق سبحانه مباين للمخلوق ليس هو حالا فيه ولا متحدا به ولا وجوده وجوده.
و النصاري كفرهم بأن قالوا بالحلول والاتحاد بالمسيح خاصة فكيف من جعل ذلك عاما فى كل مخلوق ويعلمون مع ذلك ان الله امر بطاعته وطاعة رسوله ونهى عن معصيته ومعصية رسوله وانه لا يحب الفساد ولا يرضي لعباده الكفر وان على الخلق ان يعبدوه فيطيعوا امره ويستعينوا به على ذلك كما قال { إياك نعبد واياك نستعين } ومن عبادته وطاعته الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحسب الامكان والجهاد فى سبيله لاهل الكفر والنفاق فيجتهدون فى اقامة دينه مستعينين به دافعين مزيلين بذلك ما قدر من السيئات دافعين بذلك ما قد يخاف من ذلك كما يزيل الانسان الجوع الحاضر بالاكل ويدفع به الجوع المستقبل وكذلك اذا آن اوان البرد دفعه باللباس وكذلك كل مطلوب يدفع به مكروه كما قالوا للنبى صلى الله عليه وسلم يا رسول الله ارأيت ادوية نتداوى بها ورقى نسترقى بها وتقاة نتقى بها هل ترد من قدر الله شيئا فقال هي من قدر الله وفى الحديث ان الدعاء والبلاء ليلتقيان فيعتلجان بين السماء والارض فهذا حال المؤمنين بالله ورسوله العابدين لله وكل ذلك من العبادة.
وهؤلاء الذين يشهدون الحقيقة الكونية وهي ربوبيته تعالى لكل شيء ويجعلون ذلك مانعا من اتباع امره الدينى الشرعي على مراتب فى الضلال فغلاتهم يجعلون ذلك مطلقا عاما فيحتجون بالقدر فى كل ما يخالفون فيه الشيعة وقول هؤلاء شر من قول اليهود والنصارى وهو من جنس قول المشركين الذين قالوا لو شاء اله ما اشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم.
وهؤلاء من اعظم اهل الارض تناقضا بل كل من احتج بالقدر فانه متناقض فانه لا يمكن ان يقر كل آدمى على ما فعل فلا بد اذا ظلمه ظالم او ظلم الناس ظالم وسعى فى الارض بالفساد واخذ يسفك دماء الناس ويستحل الفروج ويهلك الحرث والنسل ونحو ذلك من انواع الضرر التى لا قوام للناس بها ان يدفع هذا القدر وان يعاقب الظالم بما يكف عدوان امثاله يقال له ان كان القدر حجة فدع كل احد يفعل ما يشاء بك وبغيرك وان لم يكن حجة بطل اصل قولك حجة واصحاب هذا القول الذين يحتجون بالحقيقة الكونية لا يطردون هذا القول ولا يلتزمونه وانما هم بحسب آرائهم واهوائهم كما قال فيهم بعض العلماء انت عند الطاعة قدرى وعند المعصية جبرى اى مذهب وافق هواك تمذهبت به.
ومنهم صنف يدعون التحقيق والمعرفة فيزعمون ان الامر والنهى لازم لمن شهد لنفسة فعلآ واثبت لة صنعا اما من شهدا أن افعالة مخلوقة او انة مجبور على ذلك وان الله هو المتصرف فية كما تحرك سائر المتحركات فانة يرتفع عنة الأمر والنهى والوعد والوعيد.
وقد يقولون من شهد الارادة سقط عنة التكليف ويزعم احدهم ان الخضر سقط عنة التكليف لشهودة الارادة فهؤلاء لا يفرق بين العامة والخاصة الذين شهدوا الحقيقة الكونية فشهدوا ان الله خالق أفعال العباد وانة يدبر جميع الكائنات وقد يفرقون بين من يعلم ذلك علما وبين من يراة شهودا فلآ يسقطون التكليف عمن يؤمن بذلك ويعلمة فقط ولكن عمن يشهدة فلآ يرى لنفسة فعلآ أصلآ وهؤلآء لا يجعلون الجبر وإثبات القدر مانعا من التكليف على هذا الوجه.
وقد وقع فى هذا طوائف من المنتسبين الى التحقيق والمعرفة والتوحيد وسبب ذلك أنة ضاق نطاقهم عن كون العبد يؤمر بما يقدر علية خلآفة كما ضاق نطاق المعتزلة ونحوهم من القدرية عن ذلك ثم المعتزلة اثبتت الامر والنهى الشرعيين دون القضاء والقدر الذى هو إرادة اللة العامة وحلقة لآفعال العباد وهؤلآء اثبتوا القضاء والقدر ونفوا الأمر والنهى فى حق من سهد القدر إذا لم يمكنهم نفى ذلك مطلقا وقول هؤلآء شر من قولة المعتزلة ولهذا لم يكن فى السلف من هؤلآء احد وهؤلآء يجعلون الامر والنهى للمحجوبين الذين لم يشهدوا هذة الحقيقة الكونية ولهذا يجعلون من وصل الى شهود هذة الحقيقة يسقط عنة الامر والنهى وصار من الخاصة وربما تأولوا على ذلك قولة تعالى واعبد ربك حتى يأتيك اليقين وجعلوا اليقين هو معرفة هذه الحقيقة وقول هؤلاء كفر صريح وان وقع فيه طوائف لم يعلموا انه كفر فانه قد علم بالاضطرار من دين الاسلام ان الأمر والنهي لازم لكل عبد ما دام عقله حاضرا الى ان يموت لا يسقط عنه الامر والنهي لا بشهوده القدر ولا بغير ذلك فمن لم يعرف ذلك عرفه وبين له فإن اصر على اعتقاد سقوط الأمر والنهي فانه يقتل.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إن شاء الله سقرر المشرف نشره بعد مراجعته
حياكم الله تعالى وجزيتم خيرا لتفاعلكم