الثلاثاء، 16 ديسمبر 2008

حلقات عن الختان ...2


الحق أثبت من الهوى فكونوا منصفين .
وقبل أن ندخل فى خضم معتركنا البياني وفى ظل تبدل الماهيم السائد فى هذا الزمان وله الريادة عند من تحيرت بهم العقول وفى زمن تبدل فيه مفهوم (( الولاء والبراء ))
فالولاء أصبح ولآيات والغرابة أنها متحدة , والبراءة سقطت من متاعهم فألقوها فى جوانتانمو . {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُواْ فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُواْ غُزًّى لَّوْ كَانُواْ عِندَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ لِيَجْعَلَ اللّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ يُحْيِـي وَيُمِيتُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }آل عمران156
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، لا تُشابهوا الكافرين الذين لا يؤمنون بربهم, فهم يقولون لإخوانهم من أهل الكفر إذا خرجوا يبحثون في أرض الله عن معاشهم أو كانوا مع الغزاة المقاتلين فماتوا أو قُتِلوا: لو لم يخرج هؤلاء ولم يقاتلوا وأقاموا معنا ما ماتوا وما قُتلوا. وهذا القول يزيدهم ألمًا وحزنًا وحسرة تستقر في قلوبهم, أما المؤمنون فإنهم يعلمون أن ذلك بقدر الله فيهدي الله قلوبهم, ويخفف عنهم المصيبة, والله يحيي مَن قدَّر له الحياة -وإن كان مسافرًا أو غازيًا- ويميت مَنِ انتهى أجله -وإن كان مقيمًا- والله بكل ما تعملونه بصير, فيجازيكم به.
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ }الأنفال36
إن الذين جحدوا وحدانية الله وعصوا رسوله ينفقون أموالهم فيعطونها أمثالهم من المشركين وأهل الضلال, ليصدوا عن سبيل الله ويمنعوا المؤمنين عن الإيمان بالله ورسوله, فينفقون أموالهم في ذلك, ثم تكون عاقبة نفقتهم تلك ندامة وحسرة عليهم; لأن أموالهم تذهب, ولا يظفرون بما يأمُلون مِن إطفاء نور الله والصد عن سبيله, ثم يهزمهم المؤمنون آخر الأمر. والذين كفروا إلى جهنم يحشرون فيعذبون فيها.
{وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ }مريم39
وأنذر - أيها الرسول - الناس يوم الندامة حين يُقضى الأمر, ويُجَاءُ بالموت كأنَّه كبش أملح, فيُذْبَح, ويُفصل بين الخلق, فيصير أهل الإيمان إلى الجنة, وأهل الكفر إلى النار, وهم اليوم في هذه الدنيا في غفلة عمَّا أُنذروا به, فهم لا يصدقون, ولا يعملون العمل الصالح.
ويشرح لنا شيخ الإسلام أبن تيمية كيف تكون العبودية كاملة غير منقوصة عند العبد فيقول رحمه الله تعالى :
وقد ثبت فى الصحيح ان جبريل لما جاء الى النبى صلى الله عليه وسلم فى صورى اعرابى وسأله عن الاسلام قال ان تشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله وتقيم الصلاو وتؤتى الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ان استطعت اليه سبيلا قال فما الايمان قال ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه وورسله والبعث بعد الموت وتؤمن بالقدر خيره وشره قال فما الإحسان قال ان نعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ثم قال فى آخر الحديث هذا جبريل جاءكم يعلمكم دنيكم فجعل هذا كله من الدين والدين يتضمن معنى الخضوع والذل يقال دنته فدان اى ذللته فذل ويقال يدين الله ويدين لله أي يعبد الله ويطيعه ويخضع له فدين الله عبادته وطاعته والخضوع له.
والعبادة اصل معناها الذل ايضا يقال طريق معبد اذا كان مذللا قد وطئته الاقدام.
لكن العبادة المأمور تتضمن معنى الذل ومعنى الحب فهى تتضمن غاية الذل لله بغاية المحبة له فإن آخر مراتب الحب هو التتيم واوله العلاقة لتعلق القلب بالمحبوب ثم الصبابة لا نصباب القلب اليه ثم الغرام وهو الحب اللازم للقلب ثم العشق وآخرها التتيم يقال تيم الله أى عبد الله فالمتيم المعبد لمحبوبه.
ومن خضع لانسان مع بعضه له لايكون عابدا له ولو أحب شيئا ولم يخضع له لم يكن عابدا له كما قد يحب ولده وصديقه ولهذا لا يكفى أحدهما فى عبادة الله تعالى بل يجب أن يكون الله أحب إلى العبد من كل شئ وأن يكون الله أعظم عنده من كل شئ بل لا يستحق المحبة والذل التام إلا الله.
وكل ما أحب لغير الله فمحبته فاسدةوما عظم بغير أمر الله كان تعظيمه باطلا قال الله تعالى قل إن كان آباؤكم وابناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد فى سبيله فتربصوا حتى يأتى الله بأمره فجنس المحبة تكون لله ورسوله كالطاعة فإن الطاعة لله ورسوله والارضاء لله ورسوله والله ورسوله أحق أن يرضوه والايتاء لله ورسوله ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله .
وأما العبادة وما يناسبها من التوكل والخوف ونحو ذلك فلا يكون إلا لله وحده كما قال تعالى {قل يا أهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا الى قوله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بانا مسلمون} وقال تعالى {ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله انا إلى الله راغبون} فالايتاء لله والرسول كقوله {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} وأما الحسب وهو الكافى فهو الله وحده كما قال تعالى {الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل} وقال تعالى {يا ايها النبى حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين} اى حسبك وحسب من اتبعك الله .
ومن ظن ان المعنى حسبك الله والمؤمنون معه فقد غلط غلطا فاحشا كما قد بسطناه فى غير هذا الموضع وقال تعالى أليس الله بكاف عبده.
تحرير ذلك ان العبد يراد به المعبد الذى عبده الله فذلله ودبره.
وصرفه وبهذا الاعتبار المخلوقون كلهم عباد الله من الابرار والفجار والمؤمنين والكفار وأهل الجنة واهل النار اذ هو ربهم كلهم ومليكهم لا يخرجون عن مشيئته وقدرته وكلماته التامات التى لا يجاوزهن برولا فاجر فمال شاء كان وان لم يشاؤا وما شاؤا ان لم يشأه لم يكن كما قال تعالى أفغير دين الله يبغون وله اسلم من فى السموات والارض طوعا وكرها واليه يرجعون.
فهو سبحانه رب العالمين وخالقهم ورازقهم ومحييهم ومميتهم ومقلب قلوبهم ومصرف امورهم لا رب لهم غيره ولا مالك لهم سواه ولا خالق الا هو سواء اعترفوا بذلك أو انكروه وسواء علموا ذلك أو جهلوه لكن أهل الإيمان منهم عرفوا ذلك واعترفوا به بخلاف من كان جاهلا بذلك او جاحدا له مستكبرا على ربه لا يقر ولا يخضع له مع علمه بأن الله ربه وخالقه.
فالمعرفة بالحق اذا كانت مع الاستكبار عن قبوله والحجد له كان عذابا على صاحبه كما قال تعالى وجحدوا بها واستيقنتها انفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسرين وقال تعالى الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون ابناءهم وان فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون وقال تعالى {فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون}.

فإن اعترف العبد ان الله ربه وخالقه وأنه مفتقر اليه محتاج اليه عرف العبودية المتعلقة بربوبيةالله وهذا العبد يسأل ربه فيتضرع اليه ويتوكل عليه لكن قد يطيع امره وقد يعصيه وقد يعبده مع ذلك وقد يعبد الشيطان والاصنام.
ومثل هذه العبودية لاتفرق بين اهل الجنة والنار ولا يصير بها الرجل مؤمنا كما قال تعالى وما يؤمن اكثرهم بالله الا وهم مشركون فإن المشركين كانوا يقرون ان الله خالقهم ورازقهم وهم يعبدون غيره قال تعالى {ولئن سألتهم من خلق السموات والارض ليقولن الله} وقال تعالى {قل لمن الارض ومن فيها ان كنتم تعلمون سيقولن لله قل افلا تذكرون الى قوله قل فأنى تسحرون}.
وكثير ممن يتكلم فى الحقيقة ويشهدها يشهد هذه الحقيقة وهى الحقيقة الكونية التى يشترك فيها وفى شهودها ومعرفتها المؤمن والكافر والبر والفاجر وابليس معترف بهذه الحقيقة واهل النار قال ابليس : رب فانظرنى الى يوم يبعثون وقال : رب بما اغويتنى لا زينن لهم فى الارض ولا غوينهم اجمعين وقال {فبعزتك لا غوينهم اجمعين} وقال { أرأيتك هذا الذى كرمت على} وامثال هذا من الخطاب الذى يقر فيه بان الله ربه وخالقه وخالق غيره وكذلك اهل النار قالوا {ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين} وقال تعالى {ولو ترى اذ وقفوا على ربهم قال أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا}.

فمن وقف عند هذه الحقيقة وعند شهودها ولم يقم بما امر به من الحقيقة الدينية التى هى عبادته المتعلقة بالهيته وطاعة امره وامر رسوله كان من جنس ابليس واهل النار وان ظن مع ذلك انه خواص اولياء الله واهل المعرفة والتحقيق الذين يسقط عنهم الأمر والنهى الشرعيان كان من اشر اهل الكفر والالحاد.
ومن ظن ان الخضر وغيره سقط عنهم الامر لمشاهدة الارادة ونحو ذلك كان قوله هذا من شر اقوال الكافرين بالله ورسوله حتى يدخل فى النوع الثانى من معنى العبد وهو العبد العابد فيكون عابدا لله لا يعبد الا اياه فيطيع امره وأمر رسله ويوالى أولياءه المؤمنين المتقين ويعادى اعداءه وهذا العبادة متعلقة بالهيته ولهذا كان عنوان التوحيد لا اله الا الله بخلاف من يقر بوبوبيته ولا يعبده او يعبد معه الها آخر فالاله الذى يألهه القلب بكمال الحب والتعظيم والاجلال والاكرام والخوف والرجاء ونحو ذلك وهذه العبادة هي التى يحبها الله ويرضاها بها وصف المصطفين من عباده وبها بعث رسله.
وأما العبد بمعنى المعبد سواء اقر بذلك او أنكره فتلك يشترك فيها المؤمن والكافر وبالفرق بين هذين النوعين يعرف الفرق بين المقائق الدينية الداخلة فى عبادة الله ودينه وامره الشرعىالتى يحبها ويرضاها ويوالى اهلها ويكرمهم بجنته وبين الحقائق الكونية التى يشترك فيها المؤمن والكافر والبر والفاجر التى من اكتفى بها ولم يتبع الحقائق الدينية كان من أتباع ابليس اللعين والكافرين برب العالمين ومن اكتفى بها فى بعض الأمور دون بعض أو فى مقام او حال نقص من إيمانه وولايته لله بحسب ما نقص من الحقائق الدينية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إن شاء الله سقرر المشرف نشره بعد مراجعته
حياكم الله تعالى وجزيتم خيرا لتفاعلكم