الاثنين، 24 سبتمبر 2012

الفَهْم المَقاصِدِيُّ يَخْتَزِل الشريعة في خَمْسَة مَقاصِد:

الفَهْم المَقاصِدِيُّ يَخْتَزِل الشريعة في خَمْسَة مَقاصِد

هذا الفهم «التقدمي» للإسلام يَنْفِي عن الشريعة أنْ تكون مَنْهجًا يَتَضمَّن الوسائل الكبرى وبعض التفصيلات. فَنَظْرةُ اليَسار إلى الشريعة نظرةٌ اخْتزالية تَسْطيحيةٌ للشريعة، رغم ما تَدَّعيه لِنَفْسها من عُمْقٍ وغَوْصٍ في « روح» الشريعة. ولعلنا. لا نُجَانِب الصواب إذا قلنا بأنَّ هذه النظرة تُؤْمِن بِبَعض الكِتابِ وتَكْفُر بالبعض الآخر، ما دامت أحكام الوحي- في نظرهم- قابلةً للنَّسْخ المُتواصِل وِفْقًا للتطَوِّر التاريخيِّ والاجتماعيِّ. وهنا نسأل: لماذا وَرَدت تلك الأحكام التفصيلية في القرآن؟ هل كان ذلك فقط للعصر الذي نزل فيه القرآن واستجابةً لظَرْف ٍتاريخي مُحَدَد؟

لو كان الأمر كذلك لما كانت بنا حاجَةٌ إلى نصوص الكِتاب، ولأَمْكَنَنَا أنْ نقوم بتلخيصٍ للقرآن في خمسة مَقاصدٍ نَحْفظها- إنْ لم نَقُل نتْلُوها في الصلاة!! –ثم ما حاجة الإسلاميِّ التقدُّمِيِّ اليومَ إلى سِتِّين حِزْبًا من القرآن، وآلاف الأحاديث النبوية؟.. إنَّ كل هذه النصوص ستُصْبِح في أحسَن الحالات مادةً للتَّثقيف التاريخيِّ والتَّسْليةِ الفكرية، أيْ: تُراثًا لا غَيْر. فَالْفَهْم المَقاصِدِيُّ يَنْتَهِي بِنَا إلى اعْتِبار الإسلام تُراثًا (الإسلام من حيث هو شريعة)؛ بل إنَّ حَسَن حَنَفِي يُطالِبنا بأكثرَ من ذلك، يُطالِبنا بتغْيير المُصْطَلحات التي تتضمَّن العقائد...

إن هذه النظرة إلى الإسلام تَجَاوَزَت حتى نظرةَ المُعتزِلة التي يَنْتَسِب إليها اليَسار الإسلاميُّ. ذلك أنَّ المُعْتزلَة وإنْ أَعْطَوْا قِيمةً كُبرى للعقل، فإنَّهم لم يقولوا بِتَعْطيل النصوص، ولم يَقُولوا بِقُدَرة العقل المُطْلقَة على التَّصَرف في الشريعة، فَالمعتزلة يقولون بأن العقل قادرٌ على مَعْرفَة الحَسَنِ والقَبِيح، والخَيْر والشَّر. وإذا أرَدْنا القيام بِقياسٍ أوْ تَشْبيهٍ فإِنَّنا نقول بأنَّ العقل رُّبَّما يكون قادرًا على تَعْيِين المَقاصِد الكبرى للشريعة، ولكنه غير قادرٍ على التفصيل في أحكامها والوسائلِ المُوَصِّلة إِليْها، وذلك خِلافًا لما يَراه اليَسار الإسلامي، فَلَعلَّ مُعْتَزِلة العصر الحديث أكثرُ تقدُّمًا في العقلانية من المعتزلة الأوائل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إن شاء الله سقرر المشرف نشره بعد مراجعته
حياكم الله تعالى وجزيتم خيرا لتفاعلكم