الثلاثاء، 16 ديسمبر 2008

حلقات عن الختان ...4

وقد كثرت مثل هذه المقالات فى المستأخرين ، واما المستقدمون من هذه الأمة فلم تكن هذه المقالات معروفة فيهم.
وهذه المقالات هي محادة لله ورسوله ومعاداة له وصد عن سبيله ومشاقة له وتكذيب لرسله ومضادة له في حكمه وان كان من يقول هذه المقالات قد يجهل ذلك ويعتقد ان هذا الذي هو عليه هو طريق الرسول وطريق اولياء الله المحققين فهو فى ذلك بمنزلة من يعتقد ان الصلاة لا تجب عليه لاستغنائه عنها بما حصل له من الأحوال القلبية او ان الخمر حلال له لكونه من الخواص الذين لا يضرهم شرب الخمر او ان الفاحشة حلال له لأنه صار كالبحر لا تكدره الذنوب ونحو ذلك.
ولا ريب ان المشركين الذين كذبوا الرسل يترددون بين البدعة المخالفة لشرع الله وبين الاحتجاج بالقدر على مخالفة امر الله فهؤلاء الأصناف فيهم شبه من المشركين اما ان يبتدعوا واما ان يحتجوا بالقدر واما ان يجمعوا بين الأمرين كما قال تعالى عن المشركين (واذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله امرنا بها قل ان الله لا يأمر بالفحشاء اتقولون على الله ما لا تعلمون ) وكما قال تعالى عنهم {وقال الذين اشركوا لو شاء الله ما اشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء}.
وقد ذكر عن المشركين ما ابتدعوه من الدين الذي فيه تحليل الحرام والعبادة التى لم يشرعها الله بمثل قوله تعالى {وقالوا هذه انعام وحرث حجر لا يطعمها الا من نشاء بزعمهم وانعام حرمت ظهورها وانعام لا يذكرون اسم الله عليها} افتراء عليه الى آخر السورة وكذلك فى سورة الاعراف فى قوله {يا بنى آدم لا يفتتنكم الشيطان كما اخرج ابويكم من الجنة الى قوله واذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله امرنا بها قل ان الله لا يأمر بالفحشاء} الى قوله {قل امر ربى بالقسط واقيموا وجوهكم عند كل مسجد} الى قوله {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين قل من حرم زينة الله التى اخرج لعبادة والطيبات من الرزق} الى قوله {قل انما حرم ربى الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم والبغى بغير الحق وان تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وان تقولوا على الله ما لا تعلمون} .
وهؤلاء قد يسمون ما احدثوه من البدع حقيقة كما يسمون ما يشهدون من القدر حقيقة وطريق الحقيقة عندهم هو السلوك الذي لا يتقيد صاحبه بامر الشارع ونهيه ولكن بما يراه ويذوقه ويجده ونحو ذلك وهؤلاء لا يحتجون بالقدر مطلقا بل عمدتهم اتباع آرائهم واهوائهم وجعلهم لما يرونه ويهوونه حقيقة وامرهم باتباعها دون اتباع امر الله ورسوله نظير بدع اهل الكلام من الجهمية وغيرهم الذين يجعلون ما ابتدعوه من الاقوال المخالفة للكتاب والسنة حقائق عقلية يجب اعتقادها دون ما دلت عليه السمعيات ثم الكتاب والسنة اما ان يحرفوه عن مواضعه واما ان يعرضوا عنه بالكلية فلا يتدبرونه ولا يعقلونه بل يقولون نفوض معناه الى الله مع اعتقادهم نقيض مدلوله واذا حقق على هؤلاء ما يزعمونه من العقليات المخالفة للكتاب والسنة وجدت جهليات واعتقادات فاسدة.
وكذلك اولئك اذا حقق عليهم ما يزعمونه من حقائق اولياء الله المخالفة للكتاب والسنة وجدت من الاهواء التى يتبعها اعداء الله لا اولياؤه.
واصل ضلال من ضل هو بتقديم قياسه على النص المنزل من عند الله واختياره الهوى على اتباع امر الله فإن الذوق والوجد ونحو ذلك هو بحسب ما يحبه العبد فكل محب له ذوق ووجد بحسب محبته فأهل الايمان لهم من الذوق والوجد مثل ما بينه النبى صلى الله عليه وسلم بقوله فى الحديث الصحيح ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الايمان من كان الله ورسوله احب اليه مما سواهما ومن كان يحب المرء لا يحبه الا الله ومن كان يكره ان يرجع فى الكفر بعد اذا انقذه الله منه كما يكره ان يلقى فى النار وقال صلى الله عليه وسلم فى الحديث الصحيح ذاق طعم الايمان من رضى باله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد نبيا.
وأما أهل الكفر والبدع والشهوات فكل بحسبه قيل لسفيان بن عيينة ما بال أهل الأهواء لهم محبة شديدة لأهوائهم فقال أنسيت قوله تعالى واشربوا فى قلوبهم العجل بكفرهم أو نحو هذا من الكلام فعباد الاصنام يحبون آلهتهم كما قال تعالى ( ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ) وقال ( فان لم يستجيبوا لك فاعلم انما يتبعون أهواءهم ومن اضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله ) وقال (إن يتبعون الا الظن وما تهوى الانفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى ) ولهذا يميل هؤلاء الى سماع الشعر والأصوات التى تهيج المحبة المطلقة التى لا تختص بأهل الايمان بل يشترك فيها محب الرحمن ومحب الاوثان ومحب الصلبان ومحب الاوطان ومحب الاخوان ومحب المردان ومحب النسوان وهؤلاء الذين يتبعون أذواقهم ومواجيدهم من غير اعتبار لذلك بالكتاب والسنة وما كان عليه سلف الأمة.
فالمخالف لما بعث به رسوله من عبادته وطاعته وطاعة رسوله لا يكون متبعا لدين شرعه الله كما قال تعالى ( ثم جعلناك على شريعة من الامر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون أنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا ) الى قوله ( والله ولى المتقين ) بل يكون متبعا لهواه بغير هدى من الله قال تعالى { ام لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله } وهم فى ذلك تارة يكونون على بدعة يسمونها حقيقة يقدمونها على ما شرعه الله وتارة يحتجون بالقدر الكونى على الشريعة كما أخبر الله به عن المشركين كما تقدم.
ومن هؤلاء طائفة هم اعلاهم قدرا وهم مستمسكون بالدين فى اداء الفرائض المشهوره واجتناب المحرمات المشهوره لكن يغلطون فى ترك ما امروا به من الاسباب التى هي عبادة ظانين ان العارف اذا شهد القدر اعرض عن ذلك مثل من يجعل التوكل منهم او الدعاء ونحو ذلك من مقامات العامة دون الخاصة بناء على ان من شهد القدر علم ان ما قدر سيكون فلا حاجة الى ذلك وهذا غلط عظيم فان الله قدر الاشياء باسبابها كما قدر السعادة والشقاوة باسبابها كما قال النبى صلى الله عله وسلم ان الله خلق للجنة اهلا خلقها لهم وهم فى اصلاب آبائهم وبعمل اهل الجنة يعملون وكما قال النبى صلى الله عليه وسلم لما أخبرهم بان الله كتب المقادير فقالوا يا رسول الله افلا ندع العمل ونتكل على الكتاب فقال لا اعملوا فكل ميسر لما خلق له اما من كان من اهل السعادة فسييسر لعمل اهل السعادة واما من كان من اهل الشقاوة فسييسر لعمل اهل الشقاوة فما امر الله به عباده من الأسباب فهو عبادة والتوكل مقرون بالعبادة كما فى قوله تعالى فاعبده وتوكل عليه وفى قوله قل هو ربي لا اله الا هو عليه توكلت واليه متاب وقول شعيب عليه السلام عليه توكلت وإليه انيب.
ومنهم طائفة قد تترك المستحبات من الاعمال دون الواجبات فتنقص بقدر ذلك.
ومنهم طائفة يغترون بما يحصل لهم من خرق عادة مثل مكاشفة او استجابة دعوة مخالفة للعادة العامة ونحو ذلك فيشتغل احدهم عما امر به من العبادة والشكر ونحو ذلك.
فهذه الأمور ونحوها كثيرا ما تعرض لاهل السلوك والتوجه وانما ينجو العبد منها بملازمة امر الله الذي بعث به رسوله في كل وقت كما قال الزهري كان من مضى من سلفنا يقولون الاعتصام بالسنة نجاة وذلك ان السنة كما قال مالك رحمه الله مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق والعبادة والطاعة.
والاستقامة ولزوم الصراط المستقيم ونحو ذلك الاسماء مقصودها واحد ولها اصلان:

احدهما : الا يعبد الا الله.
والثاني : ان يعبد بما امر وشرع لا بغير ذلك من البدع قال تعالى {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا} وقال تعالى {بلى من اسلم وجهه لله وهو محسن فله اجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} وقال تعالى {ومن احسن دينا ممن اسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة ابراهيم حنيفا واتخذ الله ابراهيم خليلا} فالعمل الصالح هو الاحسان وهو فعل الحسنات والحسنات هي ما احبه الله ورسوله وهو ما امر به امر ايجاب او استحباب فما كان من البدع في الدين التى ليست مشروعة فان الله لا يحبها ولا رسوله فلا تكون من الحسنات ولا من العمل الصالح كما ان يعمل مالا يجوز كالفواحش والظلم ليس من الحسنات ولا من العمل الصالح.
واما قوله {ولا يشرك بعبادة ربه احدا} وقوله {اسلم وجهه لله فهو اخلاص الدين لله} وحده
وكان عمر بن الخطاب يقول اللهم اجعل عملي كله صالحا واجعله لوجهك خالصا ولا تجعل لاحد فيه شيئا .
وقال الفضيل بن عياض فى قوله { ليبلوكم أيكم احسن عملا } قال اخلصه واصوبه قالوا يا ابا علي ما اخلصه واصوبه قال ان العمل اذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل واذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا صوابا والخالص ان يكون لله والصواب ان يكون على السنة.
فإن قيل فإذا كان جميع ما يحبه الله داخلا فى اسم العبادة لماذا عطف عليها غيرها كقوله اياك نعبد واياك نستعين وقوله فاعبده وتوكل عليه وقول نوح {اعبدوا الله واتقوه واطيعون} وكذلك قول غيره من الرسل قيل هذا له نظائر كما فى قوله {ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} والفحشاء من المنكر وكذلك قوله {ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي} وايتاء ذي القربى هو من العدل والاحسان كما ان الفحشاء والبغي من المنكر وكذلك قوله {والذين يمسكون بالكتاب واقاموا الصلاة} واقامة الصلاة من اعظم التمسك بالكتاب وكذلك قوله {انهم كانوا يسارعون فى الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا} ودعاؤهم رغبا ورهبا من الخيرات وامثال ذلك فى القرآن كثير .
وهذا الباب يكون تارة مع كون احدهما بعض الاخر فيعطف عليه تخصيصا له بالذكر لكونه مطلوبا بالمعنى العام والمعنى الخاص وتارة تكون دلالة الاسم تتنوع بحال الانفراد والاقتران فاذا افرد عم واذا قرن بغيره خص كاسم الفقير والمسكين لما افرد احدهما في مثل قوله {للفقراء الذين احصروا فى سبيل الله} وقوله {او طعام عشرة مساكين} دخل فيه الاخر ولما قرن بينهما فى قوله انما الصدقات للفقراء والمساكين صارا نوعين.

وقد قيل ان الخاص المعطوف على العام لا يدخل فى العام حال اقتران بل يكون من هذا الباب والتحقيق ان هذا ليس لازما قاال تعالى {من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال} وقال تعالى {واذ اخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وابراهيم وموسى وعيسى بن مريم}.
وذكر الخاص مع العام يكون لأسباب متنوعة تارة لكونه له خاصية ليست لسائر أفراد العام كما في نوح وابراهيم وموسى وعيسى وتارة لكون العام فيه اطلاق قد لا يفهم منه العموم كما فى قوله {هدى للمتقين} {والذين يؤمنون الغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون والذين يؤمنون بما انزل اليك وما انزل من قبلك} فقوله يؤمنون بالغيب يتناول الغيب الذي يجب الايمان به لكن فيه اجمال فليس فيه دلالة على ان من الغيب ما انزل اليك وما انزل من قبلك وقد يكون المقصود انهم يؤمنون بالمخبر به وهو الغيب وبالاخبار بالغيب وهو ما انزل إليك وما انزل من قبلك ومن هذا الباب قوله تعالى {اتل ما اوحى اليك من الكتاب واقم الصلاة وقوله والذين يمسكون بالكتاب واقاموا الصلاة} و تلاوة الكتاب هي اتباعه
كما قال ابن مسعود فى قوله تعالى {الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته} قال يحللون حلاله ويحرمون حرامه ويؤمنون بمتشابهة ويعملون بمحكمه فاتباع الكتاب يتناول الصلاة وغيرها لكن خصها بالذكر لمزيتها وكذلك قوله لموسى {اننى انا الله لا اله الا انا فاعبدني واقم الصلاة لذكرى} واقامة الصلاة لذكره من اجل عبادته وكذلك قوله تعالى {اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة} وقوله {اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} فإن هذه الامور هي ايضا من تمام تقوى الله وكذلك قوله {فاعبده وتوكل عليه} فان التوكل والاستعانة هي من عبادة الله لكن خصت بالذكر ليقصدها المتعبد بخصوصها فانها هى العون على سائر انواع العبادة اذ هو سبحانه لا يعبد الا بمعونته اذا تبين هذا فكمال المخلوق فى تحقيق عبوديته لله وكلما ازداد العبد تحقيقا للعبودية ازداد كماله وعلت درجته ومن توهم ان المخلوق يخرج من العبودية بوجه من الوجوه او ان الخروج عنها اكمل فهو من اجهل الخلق واضلهم قال تعالى {وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عياد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون} الى قوله {وهم من خشيته مشفقون} وقال تعالى {وقالوا اتخذ الرحمن ولدا لقد جئتم شيئا ادا} الى قوله {ان كل من فى السموات والأرض الا آتى الرحمن عبدا لقد احصاهم وعدهم عدا وكلهم آتية يوم القيامة فردا} وقال تعالى فى المسيح {ان هو الا عبد انعمنا عليه وجعلناه مثلا لبنى اسرائيل} وقال تعالى {وله من فى السموات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون} وقال تعالى {لن يستنكف المسيح ان يكون عبدا لله والملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم اليه جميعا} الى قوله {ولا يجدون لهم دون وليا ولا نصيرا} وقال تعالى {وقال ربكم ادعونى استجب لكم ان الذين يستكبرون عن عبادتى سيدخلون جهنم داخرين} وقال تعالى {ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذى خلقهن ان كنتم اياه تعبدون فان استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسأمون} وقال تعالى {واذكر ربك فى نفس تضرعا وخيفة} الى قوله {ان الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحون وله يسجدون} .
وهذا ونحوه مما فيه وصف اكابر المخلوقات بالعبادة وذم من خرج عن ذلك متعدد فى القرآن وقد اخبر انه ارسل جميع الرسل بذلك فقال تعالى {وما ارسلنا من قبلك من رسول الا نوحي اليه انه لا اله الا انا فاعبدون} وقال {ولقد بعثنا فى كل امة رسولا ان اعبدواواجتنبوا الطاغوت} وقال تعالى لبنى اسرائيل { يا عبادى الذين آمنوا ان ارضي واسعة فاياى فاعبدون واياي فاتقون} وقال {يا ايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون} وقال {وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون} وقال تعالى {قل انى امرت ان اعبد الله مخلصا له الدين وامرت لأن اكون اول المسلمين قل انى اخاف ان عصيت ربي عذاب يوم عظيم قل الله اعبد مخلصا له دينى فاعبدوا ما شئتم من دونه}.
وكل رسول من الرسل افتتح دعوته بالدعاء الى عبادة الله كقول نوح ومن بعده عليم السلام اعبدوا الله ما لكم من اله غيره وفى المسند عن ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم انه قال بعثت بالسيف بين يدى الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له وجعل رزقى تحت ظل رمحى وجعل الذلة والصغار على من خالف امرى.
وقد بين ان عباده هم الذين ينجون من السيئات قال الشيطان {فبما اغويتنى لازينن لهم فى الأرض ولاغوينهم اجمعين الاعبادك منهم المخلصين} قال تعالى {ان عبادى ليس عليهم سلطان الا من اتبعك من الغاوين} وقال {فبعزتك لاغوينهم اجمعين الا عبادك منهم المخلصين} وقال فى حق يوسف {كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء انه من عبادنا المخلصين} وقال {سبحان الله عما يصفون الا عباد الله المخلصين} وقال {انه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون انما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون} وبها نعت كل من اصطفى من خلقه كقوله {واذكر عبادنا ابراهيم واسحق ويعقوب اولي الايدى والأبصار انا اخلصناهم بخالصة ذكرى الدار وانهم عندنا لمن المصطفين الاخيار} وقوله {واذكر عبدنا داود ذا الايد انه أواب} وقال عن سليمان {نعم العبد انه أواب} وعن أيوب {نعم العبد} وقال {واذكر عبدنا ايوب اذ نادى ربه} وقال عن نوح عليه السلام {ذرية من حملنا مع نوح انه كان عبدا شكورا} وقال {سبحان الذى اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى} وقال {وانه لما قام عبد الله يدعوه} وقال {وان كنتم فى ريب مما نزلنا على عبدنا} وقال {فأوحى الى عبده ما أوحى} وقال {عينا يشرب بها عباد الله} وقال {وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا} ومثل هذا كثير متعدد فى القرآن.
وبعد أن هدأت النفس واطمأنت ولانت واستكانت .
يتبع بحول الله تعالى

حلقات عن الختان ...3


وهذا مقام عظيم فيه غلط الغالطون وكره فيه الاشتباه على السالكين حتى زلق فيه من اكابر الشيوخ المدعين التحقيق والتوحيد والعرفان مالا يحصيهم الا الله الذى يعلم السر والاعلان والى هذا اشار الشيخ عبد القادر رحمه الله فيما ذكر عنه فبين ان كثيرا من الرجال إذا وصلوا الى إلى القضاء والقدر أمسكوا الا انا فإنى انفتحت لى فيه روزنة فنازعت اقدار الحق بالحق للحق والرجل من يكون منازعا للقدر لا من يكون موافقا للقدر.
والذى ذكره الشيخ رحمه الله هو الذى امر الله به ورسوله لكن كثير من الرجال غلطوا فإنهم قد يشهدون ما يقدر على احدهم من المعاصى والذنوب أو ما يقدر على الناس من ذلك بل من الكفر ويشهدون ان هذا جار بمشيئة الله وقضائه وقدرة داخل فى حكم ربوبيته ومقتضى مشيئته فيظنون الاستسلام لذلك وموافقته والرضا به ونحو ذلك دينا وطريقا وعبادة فيضاهون المشركين الذين قالوا {لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء} وقالوا {انطعم من لويشاء الله اطعمه} وقالوا {لو شاء الرحمن ما عبدناهم} ولو هدوا لعلموا أن القدر أمرنا ان نرضى به ونصبر على موجبه فى المصائب التى تصيبنا كالفقر والمرض والخوف قال تعالى ما اصاب من مصيبة الا باذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه قال بعض السلف هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم انها من عند الله فيرضى ويسلم وقال تعالى {ما اصاب من مصيبة فى الارض ولا فى انفسكم الا فى كتاب من قبل ان نبرأها ان ذلك على الله يسير لكيلا تأسوا علىما فاتكم ولا تفرحوا بما أتاكم}. وفى الصحيحين عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال احتج آدم وموسى فقال انمت آدم الذى خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه واسجد لك ملائكته وعلمك اسماء كل شئ فلماذا أخرجتنا ونفسك مكن الجنة فقال أدم أنت موسى الذى اصطفاك الله برسالته وبكلامه فهل وجدت ذلك مكتوبا على قبل ان أخلق قال نعم قال فحج آدم موسى وأدم عليه السلام لم يحتج على موسى بالقدر ظنا أن المذنب يحتج بالقدر قان هذا لايقوله مسلم ولا عاقل ولو كان هذا عذرا لكان عذرا لابليس وقوم هود وكل كافر ولا موسى لام آدم أيضا لأجل الذنب فان آدم قد تاب إلى ربه فاجتباه وهدى ولكن لامه لأجله المصيبة التى لحقتهم بالخطيئة ولهذا قال فلماذا أخرجتنا ونفسك من الجنة فأجابه آدم أن أن هذا كان مكتوبا قبل أن أخلق فكان العمل والمصيبةالمترتبة عليه مقدار وما قدر من المصائب يجب لاستسلام له فإنه من تمام الرضا بالله ربا.
واما الذنوب فليس للعبد ان يذنب واذا اذنب فعليه ان يستغفر وفيتوب من المعائب ويصبر على المصائب قال تعالى فاصبر ان وعد الله حق واستغفر لذنبك وقال تعالى {وان تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا} وقال {وان تصبروا وتتقوا فان ذلك من عزم الامور} وقال يوسف {انه من يتق ويصبر فان الله لا يضيع اجر المحسنين}

وكذلك ذنوب العباد يجب على العبد فيها ان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بحسب قدرته ويجاهد فى سبيل الله الكفار والمنافقين ويوالي اولياء الله ويعادي اعداء الله ويحب فى الله ويبغض فى الله كما قال تعالى {يا ايها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون اليهم بالمودة} الى قوله {قد كانت لكم اسوة حسنة فى ابراهيم والذين معه اذ قالوا لقومهم انا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء ابدا حتى تؤمنوا بالله وحده} وقال تعالى {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله} الى قوله {اولئك كتب فى قلوبهم الايمان وايدهم بروح منه} وقال تعالى {افنجعل المسلمين كالمجرمين} وقال {ام نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين فى الأرض ام نجعل المتقين كالفجار} وقال تعالى {ام حسب الذين اجترحوا السيئات ان نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون} وقال تعالى {وما يستوى الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور وما يستوى الأحياء ولا الاموات وقال تعالى ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا} وقال تعالى {ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء الى قوله بل اكثرهم لا يعلمون وضرب الله مثلا رجلين احدهما ابكم لا يقدر على شيء} الى قوله {وهو على صراط مستقيم} وقال تعالى {لا يستوى اصحاب النار واصحاب الجنة اصحاب الجنة هم الفائزون} ونظائر ذلك مما يفرق الله فيه بين اهل الحق والباطل واهل الطاعة واهل المعصية واهل البر واهل الفجور واهل الهدى والضلال واهل الغي والرشاد واهل الصدق والكذب.
فمن شهد الحقيقة الكونية دون الدينية سوى بين هذه الأجناس المختلفة التى فرق الله بينها غاية التفريق حتى يؤل به الأمر الى ان يسوى الله بالاصنام كما قال تعالى عنهم الله { ان كنا لفي ضلال مبين اذ نسويكم برب العالمين } بل قد آل الامر بهؤلاء الى ان سووا الله بكل موجود وجعلوا ما يستحقه من العبادة والطاعة حقا لكل موجود اذ جعلوه هو وجود المخلوقات وهذا من اعظم الكفر والالحاد برب العباد.
وهؤلاء يصل بهم الكفر الى انهم لا يشهدون انهم عباد لا بمعنى انهم معبدون ولا بمعنى انهم عابدون اذ يشهدون انفسهم هي الحق كما صرح بذلك طواغيتهم كابن عربي صاحب الفصوص وامثاله من الملحدين المفترين كابن سبعين وامثاله ويشهدون انهم هم العابدون والمعبودون وهذا ليس بشهود لحقيقة لا كونية ولا دينية بل هو ضلال وعمى عن شهود الحقيقة الكونية حيث جعلوا وجود الخالق هو وجود المخلوق وجعلوا كل وصف مذموم وممدوح نعتا للخالق والمخلوق اذ وجود هذا هو وجود هذا عندهم واما المؤمنون بالله ورسوله عوامهم وخواصهم الذين هم اهل الكتاب كما قال النبى صلى الله عليه وسلم ان لله اهلين من الناس قيل من هم يا رسول الله قال [اهل القرآن هم اهل الله وخاصته] فهؤلاء يعلمون ان الله رب كل شيء ومليكه وخالقه وان الخالق سبحانه مباين للمخلوق ليس هو حالا فيه ولا متحدا به ولا وجوده وجوده.
و النصاري كفرهم بأن قالوا بالحلول والاتحاد بالمسيح خاصة فكيف من جعل ذلك عاما فى كل مخلوق ويعلمون مع ذلك ان الله امر بطاعته وطاعة رسوله ونهى عن معصيته ومعصية رسوله وانه لا يحب الفساد ولا يرضي لعباده الكفر وان على الخلق ان يعبدوه فيطيعوا امره ويستعينوا به على ذلك كما قال { إياك نعبد واياك نستعين } ومن عبادته وطاعته الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحسب الامكان والجهاد فى سبيله لاهل الكفر والنفاق فيجتهدون فى اقامة دينه مستعينين به دافعين مزيلين بذلك ما قدر من السيئات دافعين بذلك ما قد يخاف من ذلك كما يزيل الانسان الجوع الحاضر بالاكل ويدفع به الجوع المستقبل وكذلك اذا آن اوان البرد دفعه باللباس وكذلك كل مطلوب يدفع به مكروه كما قالوا للنبى صلى الله عليه وسلم يا رسول الله ارأيت ادوية نتداوى بها ورقى نسترقى بها وتقاة نتقى بها هل ترد من قدر الله شيئا فقال هي من قدر الله وفى الحديث ان الدعاء والبلاء ليلتقيان فيعتلجان بين السماء والارض فهذا حال المؤمنين بالله ورسوله العابدين لله وكل ذلك من العبادة.
وهؤلاء الذين يشهدون الحقيقة الكونية وهي ربوبيته تعالى لكل شيء ويجعلون ذلك مانعا من اتباع امره الدينى الشرعي على مراتب فى الضلال فغلاتهم يجعلون ذلك مطلقا عاما فيحتجون بالقدر فى كل ما يخالفون فيه الشيعة وقول هؤلاء شر من قول اليهود والنصارى وهو من جنس قول المشركين الذين قالوا لو شاء اله ما اشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم.
وهؤلاء من اعظم اهل الارض تناقضا بل كل من احتج بالقدر فانه متناقض فانه لا يمكن ان يقر كل آدمى على ما فعل فلا بد اذا ظلمه ظالم او ظلم الناس ظالم وسعى فى الارض بالفساد واخذ يسفك دماء الناس ويستحل الفروج ويهلك الحرث والنسل ونحو ذلك من انواع الضرر التى لا قوام للناس بها ان يدفع هذا القدر وان يعاقب الظالم بما يكف عدوان امثاله يقال له ان كان القدر حجة فدع كل احد يفعل ما يشاء بك وبغيرك وان لم يكن حجة بطل اصل قولك حجة واصحاب هذا القول الذين يحتجون بالحقيقة الكونية لا يطردون هذا القول ولا يلتزمونه وانما هم بحسب آرائهم واهوائهم كما قال فيهم بعض العلماء انت عند الطاعة قدرى وعند المعصية جبرى اى مذهب وافق هواك تمذهبت به.
ومنهم صنف يدعون التحقيق والمعرفة فيزعمون ان الامر والنهى لازم لمن شهد لنفسة فعلآ واثبت لة صنعا اما من شهدا أن افعالة مخلوقة او انة مجبور على ذلك وان الله هو المتصرف فية كما تحرك سائر المتحركات فانة يرتفع عنة الأمر والنهى والوعد والوعيد.
وقد يقولون من شهد الارادة سقط عنة التكليف ويزعم احدهم ان الخضر سقط عنة التكليف لشهودة الارادة فهؤلاء لا يفرق بين العامة والخاصة الذين شهدوا الحقيقة الكونية فشهدوا ان الله خالق أفعال العباد وانة يدبر جميع الكائنات وقد يفرقون بين من يعلم ذلك علما وبين من يراة شهودا فلآ يسقطون التكليف عمن يؤمن بذلك ويعلمة فقط ولكن عمن يشهدة فلآ يرى لنفسة فعلآ أصلآ وهؤلآء لا يجعلون الجبر وإثبات القدر مانعا من التكليف على هذا الوجه.
وقد وقع فى هذا طوائف من المنتسبين الى التحقيق والمعرفة والتوحيد وسبب ذلك أنة ضاق نطاقهم عن كون العبد يؤمر بما يقدر علية خلآفة كما ضاق نطاق المعتزلة ونحوهم من القدرية عن ذلك ثم المعتزلة اثبتت الامر والنهى الشرعيين دون القضاء والقدر الذى هو إرادة اللة العامة وحلقة لآفعال العباد وهؤلآء اثبتوا القضاء والقدر ونفوا الأمر والنهى فى حق من سهد القدر إذا لم يمكنهم نفى ذلك مطلقا وقول هؤلآء شر من قولة المعتزلة ولهذا لم يكن فى السلف من هؤلآء احد وهؤلآء يجعلون الامر والنهى للمحجوبين الذين لم يشهدوا هذة الحقيقة الكونية ولهذا يجعلون من وصل الى شهود هذة الحقيقة يسقط عنة الامر والنهى وصار من الخاصة وربما تأولوا على ذلك قولة تعالى واعبد ربك حتى يأتيك اليقين وجعلوا اليقين هو معرفة هذه الحقيقة وقول هؤلاء كفر صريح وان وقع فيه طوائف لم يعلموا انه كفر فانه قد علم بالاضطرار من دين الاسلام ان الأمر والنهي لازم لكل عبد ما دام عقله حاضرا الى ان يموت لا يسقط عنه الامر والنهي لا بشهوده القدر ولا بغير ذلك فمن لم يعرف ذلك عرفه وبين له فإن اصر على اعتقاد سقوط الأمر والنهي فانه يقتل.



حلقات عن الختان ...2


الحق أثبت من الهوى فكونوا منصفين .
وقبل أن ندخل فى خضم معتركنا البياني وفى ظل تبدل الماهيم السائد فى هذا الزمان وله الريادة عند من تحيرت بهم العقول وفى زمن تبدل فيه مفهوم (( الولاء والبراء ))
فالولاء أصبح ولآيات والغرابة أنها متحدة , والبراءة سقطت من متاعهم فألقوها فى جوانتانمو . {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُواْ فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُواْ غُزًّى لَّوْ كَانُواْ عِندَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ لِيَجْعَلَ اللّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ يُحْيِـي وَيُمِيتُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }آل عمران156
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، لا تُشابهوا الكافرين الذين لا يؤمنون بربهم, فهم يقولون لإخوانهم من أهل الكفر إذا خرجوا يبحثون في أرض الله عن معاشهم أو كانوا مع الغزاة المقاتلين فماتوا أو قُتِلوا: لو لم يخرج هؤلاء ولم يقاتلوا وأقاموا معنا ما ماتوا وما قُتلوا. وهذا القول يزيدهم ألمًا وحزنًا وحسرة تستقر في قلوبهم, أما المؤمنون فإنهم يعلمون أن ذلك بقدر الله فيهدي الله قلوبهم, ويخفف عنهم المصيبة, والله يحيي مَن قدَّر له الحياة -وإن كان مسافرًا أو غازيًا- ويميت مَنِ انتهى أجله -وإن كان مقيمًا- والله بكل ما تعملونه بصير, فيجازيكم به.
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ }الأنفال36
إن الذين جحدوا وحدانية الله وعصوا رسوله ينفقون أموالهم فيعطونها أمثالهم من المشركين وأهل الضلال, ليصدوا عن سبيل الله ويمنعوا المؤمنين عن الإيمان بالله ورسوله, فينفقون أموالهم في ذلك, ثم تكون عاقبة نفقتهم تلك ندامة وحسرة عليهم; لأن أموالهم تذهب, ولا يظفرون بما يأمُلون مِن إطفاء نور الله والصد عن سبيله, ثم يهزمهم المؤمنون آخر الأمر. والذين كفروا إلى جهنم يحشرون فيعذبون فيها.
{وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ }مريم39
وأنذر - أيها الرسول - الناس يوم الندامة حين يُقضى الأمر, ويُجَاءُ بالموت كأنَّه كبش أملح, فيُذْبَح, ويُفصل بين الخلق, فيصير أهل الإيمان إلى الجنة, وأهل الكفر إلى النار, وهم اليوم في هذه الدنيا في غفلة عمَّا أُنذروا به, فهم لا يصدقون, ولا يعملون العمل الصالح.
ويشرح لنا شيخ الإسلام أبن تيمية كيف تكون العبودية كاملة غير منقوصة عند العبد فيقول رحمه الله تعالى :
وقد ثبت فى الصحيح ان جبريل لما جاء الى النبى صلى الله عليه وسلم فى صورى اعرابى وسأله عن الاسلام قال ان تشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله وتقيم الصلاو وتؤتى الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ان استطعت اليه سبيلا قال فما الايمان قال ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه وورسله والبعث بعد الموت وتؤمن بالقدر خيره وشره قال فما الإحسان قال ان نعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ثم قال فى آخر الحديث هذا جبريل جاءكم يعلمكم دنيكم فجعل هذا كله من الدين والدين يتضمن معنى الخضوع والذل يقال دنته فدان اى ذللته فذل ويقال يدين الله ويدين لله أي يعبد الله ويطيعه ويخضع له فدين الله عبادته وطاعته والخضوع له.
والعبادة اصل معناها الذل ايضا يقال طريق معبد اذا كان مذللا قد وطئته الاقدام.
لكن العبادة المأمور تتضمن معنى الذل ومعنى الحب فهى تتضمن غاية الذل لله بغاية المحبة له فإن آخر مراتب الحب هو التتيم واوله العلاقة لتعلق القلب بالمحبوب ثم الصبابة لا نصباب القلب اليه ثم الغرام وهو الحب اللازم للقلب ثم العشق وآخرها التتيم يقال تيم الله أى عبد الله فالمتيم المعبد لمحبوبه.
ومن خضع لانسان مع بعضه له لايكون عابدا له ولو أحب شيئا ولم يخضع له لم يكن عابدا له كما قد يحب ولده وصديقه ولهذا لا يكفى أحدهما فى عبادة الله تعالى بل يجب أن يكون الله أحب إلى العبد من كل شئ وأن يكون الله أعظم عنده من كل شئ بل لا يستحق المحبة والذل التام إلا الله.
وكل ما أحب لغير الله فمحبته فاسدةوما عظم بغير أمر الله كان تعظيمه باطلا قال الله تعالى قل إن كان آباؤكم وابناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد فى سبيله فتربصوا حتى يأتى الله بأمره فجنس المحبة تكون لله ورسوله كالطاعة فإن الطاعة لله ورسوله والارضاء لله ورسوله والله ورسوله أحق أن يرضوه والايتاء لله ورسوله ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله .
وأما العبادة وما يناسبها من التوكل والخوف ونحو ذلك فلا يكون إلا لله وحده كما قال تعالى {قل يا أهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا الى قوله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بانا مسلمون} وقال تعالى {ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله انا إلى الله راغبون} فالايتاء لله والرسول كقوله {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} وأما الحسب وهو الكافى فهو الله وحده كما قال تعالى {الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل} وقال تعالى {يا ايها النبى حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين} اى حسبك وحسب من اتبعك الله .
ومن ظن ان المعنى حسبك الله والمؤمنون معه فقد غلط غلطا فاحشا كما قد بسطناه فى غير هذا الموضع وقال تعالى أليس الله بكاف عبده.
تحرير ذلك ان العبد يراد به المعبد الذى عبده الله فذلله ودبره.
وصرفه وبهذا الاعتبار المخلوقون كلهم عباد الله من الابرار والفجار والمؤمنين والكفار وأهل الجنة واهل النار اذ هو ربهم كلهم ومليكهم لا يخرجون عن مشيئته وقدرته وكلماته التامات التى لا يجاوزهن برولا فاجر فمال شاء كان وان لم يشاؤا وما شاؤا ان لم يشأه لم يكن كما قال تعالى أفغير دين الله يبغون وله اسلم من فى السموات والارض طوعا وكرها واليه يرجعون.
فهو سبحانه رب العالمين وخالقهم ورازقهم ومحييهم ومميتهم ومقلب قلوبهم ومصرف امورهم لا رب لهم غيره ولا مالك لهم سواه ولا خالق الا هو سواء اعترفوا بذلك أو انكروه وسواء علموا ذلك أو جهلوه لكن أهل الإيمان منهم عرفوا ذلك واعترفوا به بخلاف من كان جاهلا بذلك او جاحدا له مستكبرا على ربه لا يقر ولا يخضع له مع علمه بأن الله ربه وخالقه.
فالمعرفة بالحق اذا كانت مع الاستكبار عن قبوله والحجد له كان عذابا على صاحبه كما قال تعالى وجحدوا بها واستيقنتها انفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسرين وقال تعالى الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون ابناءهم وان فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون وقال تعالى {فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون}.

فإن اعترف العبد ان الله ربه وخالقه وأنه مفتقر اليه محتاج اليه عرف العبودية المتعلقة بربوبيةالله وهذا العبد يسأل ربه فيتضرع اليه ويتوكل عليه لكن قد يطيع امره وقد يعصيه وقد يعبده مع ذلك وقد يعبد الشيطان والاصنام.
ومثل هذه العبودية لاتفرق بين اهل الجنة والنار ولا يصير بها الرجل مؤمنا كما قال تعالى وما يؤمن اكثرهم بالله الا وهم مشركون فإن المشركين كانوا يقرون ان الله خالقهم ورازقهم وهم يعبدون غيره قال تعالى {ولئن سألتهم من خلق السموات والارض ليقولن الله} وقال تعالى {قل لمن الارض ومن فيها ان كنتم تعلمون سيقولن لله قل افلا تذكرون الى قوله قل فأنى تسحرون}.
وكثير ممن يتكلم فى الحقيقة ويشهدها يشهد هذه الحقيقة وهى الحقيقة الكونية التى يشترك فيها وفى شهودها ومعرفتها المؤمن والكافر والبر والفاجر وابليس معترف بهذه الحقيقة واهل النار قال ابليس : رب فانظرنى الى يوم يبعثون وقال : رب بما اغويتنى لا زينن لهم فى الارض ولا غوينهم اجمعين وقال {فبعزتك لا غوينهم اجمعين} وقال { أرأيتك هذا الذى كرمت على} وامثال هذا من الخطاب الذى يقر فيه بان الله ربه وخالقه وخالق غيره وكذلك اهل النار قالوا {ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين} وقال تعالى {ولو ترى اذ وقفوا على ربهم قال أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا}.

فمن وقف عند هذه الحقيقة وعند شهودها ولم يقم بما امر به من الحقيقة الدينية التى هى عبادته المتعلقة بالهيته وطاعة امره وامر رسوله كان من جنس ابليس واهل النار وان ظن مع ذلك انه خواص اولياء الله واهل المعرفة والتحقيق الذين يسقط عنهم الأمر والنهى الشرعيان كان من اشر اهل الكفر والالحاد.
ومن ظن ان الخضر وغيره سقط عنهم الامر لمشاهدة الارادة ونحو ذلك كان قوله هذا من شر اقوال الكافرين بالله ورسوله حتى يدخل فى النوع الثانى من معنى العبد وهو العبد العابد فيكون عابدا لله لا يعبد الا اياه فيطيع امره وأمر رسله ويوالى أولياءه المؤمنين المتقين ويعادى اعداءه وهذا العبادة متعلقة بالهيته ولهذا كان عنوان التوحيد لا اله الا الله بخلاف من يقر بوبوبيته ولا يعبده او يعبد معه الها آخر فالاله الذى يألهه القلب بكمال الحب والتعظيم والاجلال والاكرام والخوف والرجاء ونحو ذلك وهذه العبادة هي التى يحبها الله ويرضاها بها وصف المصطفين من عباده وبها بعث رسله.
وأما العبد بمعنى المعبد سواء اقر بذلك او أنكره فتلك يشترك فيها المؤمن والكافر وبالفرق بين هذين النوعين يعرف الفرق بين المقائق الدينية الداخلة فى عبادة الله ودينه وامره الشرعىالتى يحبها ويرضاها ويوالى اهلها ويكرمهم بجنته وبين الحقائق الكونية التى يشترك فيها المؤمن والكافر والبر والفاجر التى من اكتفى بها ولم يتبع الحقائق الدينية كان من أتباع ابليس اللعين والكافرين برب العالمين ومن اكتفى بها فى بعض الأمور دون بعض أو فى مقام او حال نقص من إيمانه وولايته لله بحسب ما نقص من الحقائق الدينية.

رســــالة .. التوحـــيد: من نحن ؟

حلقات عن الختان ...1

أذكر إخواني المسلمين بحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي رواه مسلم في صحيحه :" إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء" وهذا الحديث يبين عظم وخطورة النساء إذا خرجن وهن نازعات للحجاب.والله نسأل أن يحفظ أعراضنا ونساءنا من كيد الكائدين، وأن يجنبهن التبرج والسفور وأن يجعلهن صالحات مصلحات وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


فهل بعد هذا المنهل العذب نسمع إلى استنباطات المشمئزة ؟
أو إلى دعي الثقافة ومؤيده الماجن ؟
هل يعقل عند أصحاب العقول أن تتهم الفضيلة ويستبرأوا المجون والخلآعة والملبس الخليع ؟. هلآ سمعنا لهم إتهاماً لكاشفات الصدر ومبينات الخصور ؟ ولو لمرة واحدة على شاشاتهم الملونة بكل ألوان الإغراء عافانا الله تعالى ؟
هلا توقفتم مع ما أحدثه جدلكم العقيم من ميــوعة عند الســواد وتغيــير لمعالم الدين ؟
هلا نظرتم إلى ما أحدثه سفهكم من تغير لمعنى الستر والعفاف حتى رأينا الأبتكارات والتفنن فى تغطية الرأس وسمى بالحجاب , حتى رينا والله من تستعمله للغواية والأغراء . حتى رأينا الملف والوشاح وما يبرز الوجه ولآبد معه من (( ميكب )) ملآئم .ورأينا كيف يكون ما يسمى عندهم ((حجاب )) مع الجينز وطامة كبرى برزت هي الإيشارب مع ( البرامودا ) فياللعجب !!!
من المسئول عن هذا كله ؟ أليس أنتم من لويتم النصوص
وحرفتم المحكم وأحكمتم أفتراءآتكم بالمتشابه لأى هوى ألجئتم نساء الأمة لمرتع الهلكة هذا ؟ فالحق أحق أن يتبع . أتهموا الرأى لتحصلوا النجاة .. أتهموا الرأى لتحصلوا النجاة .
واعلموا أن رحى الحرب دائرة وأنتم فى نُعاس .
أومآ أُولبت المرأة على إسلآمها ؟ بأن شرعتها تظلمها وتضيع حقوفها ؟
أومآ زعم الأعداء بأن المرأة معطلة وحبيسة ورهينة شريعة جائرة تظلمها ؟
أومآ عودى حلآل الله الطيب بالتزوج مثنى وثلاث ورباع ؟
حتى أنى قلت لصديق لى مسلم ورب الكعبة , أنى أرغب فى الزواج بأخرى فقال لي :: يا رجل حرام عليك !!!
البلية أن الرجل مدرس للعربية ويقرأ كتاب رب البرية ويمر كثيراً بقول الحق جل وعلا , {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ }النساء3
وإن خفتم ألا تعدلوا في يتامى النساء اللاتي تحت أيديكم بأن لا تعطوهن مهورهن كغيرهن, فاتركوهن وانكحوا ما طاب لكم من النساء من غيرهن: اثنتين أو ثلاثًا أو أربعًا, فإن خشيتم ألا تعدلوا بينهن فاكتفوا بواحدة, أو بما عندكم من الإماء. ذلك الذي شرعته لكم في اليتيمات والزواج من واحدة إلى أربع, أو الاقتصار على واحدة أو ملك اليمين, أقرب إلى عدم الجَوْرِ والتعدي.
أومآ نعق ناعقهم على منصة الفجور والخلاعة وقال : أتحدى من يثبت لي أن بنات النبى صلى الله عليه وسلم كن مختتنات !!!! ولنا مع الختان الوقفة القادمة بإذن الله .
أومآ قالت أستاذة الفقه الإسلامى أنها تشمئز من مرآى الطهارة والعفاف . {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ }النمل56
فما كان لقوم لوط جواب له إلا قول بعضهم لبعض: أَخْرجوا آل لوط من قريتكم, إنهم أناس يتنزهون عن إتيان الذكران. قالوا لهم ذلك استهزاءً بهم.
ما الفرق يا مفتي الفضاحيات بين الطهارة والقذارة ؟
ما الفرق بين المسلم والمسلمة وغيرهما من أهل الملل والنحل إلا بما يشملهما اللحية والحجاب ؟
والله وددت لو سمعت أو قرأت الرد المفحم ويكون فيه حق للسالكين وأسأل الله أن لا يحرمنى أن أكون واحداً منهم .
وأسأله سبحانه أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا إتباعه وأن يرينا الباطل باطلاً ويوفقنا لاجتنابه . إنه ولي ذلك والقادر عليه .

الاثنين، 15 ديسمبر 2008

من نحن ؟

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم 0
0أما بعد 0
0هوحلم ليس ببعيد أن يخرج الله من وسط ظلمات هذا القرن وهذا الزمان أقوام أبرز ما يميزهم عن غيرهم أنهم مخلصون قد أخلصوا دينهم لله وحده , كما أستخلصهم الله لدينه وأنتقاهم لحمل لواء الدين فى هذا الزمان قد أيقنوا أن الدنيا خلقت لهم أما هم فقد خلقوا لله وحده فهم قد وضوعوا دستور حياتهم فى قوله عز وجل ((قل إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين )) فإذا اختلفت غايات الناس فى الدنيا ما بين منهوم بالمال ومشغوف بالشهرة ومغرم بالسطوة ومفتون بالمرأة ومتيم بالكأس ومتطلع للملك ........................فإنك تجد هؤلاء لا يريدون علواً فى الارض ولا فسادا ولا يبغون جاهاً ولا مالا ولا يجرون خلف شهرة أو شهوة . يدعون ربهم أن لا يجعل الدنيا أكبر همهم ولا مبلغ علمهم . فإذا جاءتهم الدنيا جعلوها فى ايديهم ولم يجعلوها فى قلوبهم وأتخذوها طريقا ولم يتخذوها غاية وانما همهم الاخرة وغايتهم رضوان الله فكل ما دون الله ثم الجنة سراب .وكل ما فوق التـــــــــــــراب ترابخالطت قلوبهم بشاشة التوحيد فلا يبغون غير الله رباً ولا غيره حكماً ولا يتخذون غير الله ولياً .قد حطموا من حياتهم كل ألاوثـــــــــــان وبرئوا أنفسهم من كل الالهة المزيفة فلم تعد تركع ظهورهم لغير الله عباده كما لا تستجيب عقولهم ولا قلوبهم لغير كلمة الله .لا يعبدون الاصنام ولا يعبدون الاوهام ولا يعبدون الاهواء ولا يعبدون الاشخاص ولا يعبدون الطبيعة ولا يعبدون الطاغوت اياً كان اسمه وعنوانه وصورته فقد فهموا عن رسل الله ندائهم إلى البشرية (( أن أعبـــــــــــــدوا الله و أجتنبــــــوا الطــــــــــاغوت ))تبين لهم الرشد من الغى فكفروا بالطاغوت وأمنوا بالله فاستمسكوا بالعروة الوثقى التى لا أنفصام لها .إذا سئلت عن جنسيتهم أو هويتهم أو نسبهم فهم مسلمـــــــــــــــــون لا بإلاســــــــم , واللقـــــب ولا بحكم البيئـــــــــــــــــــــــــــــــــة,أو الوراثــــــــــــــــــــــــة بل يؤمنون بالله بالدراسة و البرهان والفطرةوالفكرة والتأمل والتذوق والتخلق فهم يؤمنون بالاسلام عن بينة ويرفضون الجاهلية عن درايه ويدعون الى على بصيره ويكفرون بالطاغوت على علم لا يبتغون غير الاسلام دينا ولا يرضون بغير شريعته منهـــــــــــــــاجـــــــــا ولا يعملــون بغير كتابه.وكيف لا يرضونه وقد رضيه الله لهم وأتم به النعمة عليهم ((اليوم اكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينــــا))((ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو فى الآخرة من الخاسرين)).إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم قالوا سمعنا وأطعنا واذ دعوا إلى ما عدا الله ورسوله قالوا أبينا وعصينا لا ينتمون إلى يمين أو يسار ولا يعملون لحساب فرد أو طبقة أو حزب أو نظام إنما هم مسلمون يعملون لآمة الإسلام كلها ولها وحدها مبلغين داعيــــــــــــــن ما سواها بالحسنى وبالتي هي أحسن راضين من رب البرية القبول بمنه وكرمه .
أرعنــــى سمعك :
ما هذا التعدي على حدود الله تعالى ، وارتكاب الحرام الذي نراه اليوم إلا ثمرة الجهل المطبق الذي ران على قلوب الكثير من المسلمين ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، ولو أردت أن تحصي ما ارتكبه الناس من منكرات وكبائر وعظائم ، ناهيك عن الصغائر ، لسكبت دماً بدل الدموع ، ولتقرح قلبك ، وتصدع رأسك ، غيرة على حرمات الله ، وشفقة بأولئك الناس الذين طغوا وبغوا وأكثروا في الأرض الفساد ، جهلاً وكبراً وتعالياً .
ولا حصن ولا درع ولا وقاية من عقوبة الله تعالى إلا بالعلم النافع المؤدي للعمل الصالح .
العلم قبل القول والعمل :
لا يمكن لعبد أن يعبد الله على بصيرة وحق وصواب حتى يتعلم كيف يعبده ، وهذا واضح اليوم ممن يُسلمون ويدخلون في الإسلام ، فالمسلم الجديد لا يعرف ما الإسلام ، وما هي أركانه ، وكيف يحقق كل ركن منها ، فتراه كثير السؤال والاستقصاء عن أمور دينه ، فلا يمكن له أن يصلي الظهر والعصر والعشاء أربعاً والمغرب ثلاثاً والفجر اثنتين إلا إذا تعلم ذلك ، وهكذا بقية الأحكام .
فالمسلم الذي لا يتعلم أمور دينه لاشك أنه سيعاني كثيراً ، وربما عَبَدَ الله على غير الوجه المشروع ، كما فعلت النصارى من قبل فأضلهم الله تعالى ، حيث قال سبحانه : " غير المغضوب عليهم ولا الضالين " [ الفاتحة ] .
فالمغضوب عليهم هم اليهود ، لأنهم عرفوا الحق والصواب وتجنبوه ، والضالون هم النصارى ، لأنهم عبدوا الله على جهل ، دون علم ولا بصيرة ،
وأخرج الشيخان في صحيحيهما من حديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس في المسجد والناس معه ، إذ أقبل ثلاثة نفر ، فأقبل اثنان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذهب واحد ، قال : فوقفا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأما أحدهما فرأى فرجة في الحَلْقَة فجلس فيها ، وأما الآخر فجلس خلفهم ، وأما الثالث فأدبر ذاهباً ، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ألا أخبركم عن النفر الثلاثة ؟ أما أحدهم فآوى إلى الله فآواه ، وأما الآخر فاستحيا فاستحيا الله منه ، وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه " .
في هذا الحديث فضيلة طلب العلم والجلوس لتحصيله واستماعه .
وفي الحديث صفات لله تعالى ، كالاستحياء ، والإعراض ، والواجب أن تمر هذه الصفات كما هي دون تشبيه ولا تعطيل ولا تمثيل ولا تحريف ، ولا يجوز تأويلها بغير معناها الظاهر من لوازمها وغير ذلك ، بل الواجب إثبات صفات الله عز وجل كما هي ، فإن الله يوصف بالحياء الذي يليق به سبحانه ولا يشابهه فيه خلقه كسائر صفاته سبحانه ، فهو سبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، وهذا قول أهل السنة في جميع صفات الله تعالى الواردة في الكتاب والسنة الصحيحة ، وهو طريق النجاة ، فتنبه أيها المسلم واحذر .
وورد في فضل الجلوس لحلقات العلم وطلبه نصوص كثيرة .

أقوال العلماء في طلب العلم :
قال الشافعي رحمه الله : " طلب العلم أفضل من الصلاة النافلة " [ أخرجه البيهقي ، وأبو نُعيم في الحلية ، وإسناده صحيح ورجاله ثقات / جامع بيان العلم وفضله 1/123 ] .
وقال الزهري رحمه الله : " ما عُبد الله بمثل الفقه " [ أخرجه عبد الرزاق في المصنف بسند صحيح ] .
وقال مطرف رحمه الله : " فضل العلم أعجب إلي من فضل العبادة " [ إسناده حسن ] .
وقال عون بن عبد الله : حدثت عمر بن عبد العزيز أن كان يُقال : "إن استطعت فكن عالماً ، فإن لم تستطع فكن متعلماً ، وإن لم تستطع فأحبهم ، وإن لم تستطع فلا تبغضهم " ، فقال عمر بن عبد العزيز : لقد جعل الله عز وجل له مخرجاً إن قَبِل " [ أخرجه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتأريخ ، وأخرجه أبو خيثمة في العلم ، بإسناده صحيح ] .
ولا حصن ولا درع ولا وقاية من عقوبة الله تعالى إلا بالعلم النافع المؤدي للعمل الصالح .

وإلا فتعال بنا نخوض فيما يرتكبه الناس من أفعال محرمة ، عرضاً لا إسهاباً :
ترك الصلاة بالكلية ، أو ترك بعض الفروض ، وتأخير بعضها عن وقتها المشروع حتى يخرج ، أو أداؤها مجاملة وحياءً وهذا هو النفاق المتوعد صاحبه بالعذاب الشديد ، والوعيد الأكيد ، ترك الزكاة ، ترك الحج مع القدرة عليه ، إفطار شهر رمضان عمداً بلا عذر ، عقوق الوالدين ، إهمال الأبناء والزوجات ، فعل فاحشة اللواط ، والزنا ، والسحاق بين النساء ، انتهاك أعراض المسلمين ، أكل الربا ، والرشوة ، وأكل أموال الناس بالباطل ، وأكل مال اليتيم ، وظلم اليتامى ، وظلم الزوجات والأبناء ، وظلم الخدم والعمال ، الحلف بالله كذباً ، شهادة بالزور ، الواسطة المحرمة ، إسبال الثياب ، شرب الدخان ، وتعاطي المخدرات والمسكرات ، مشاهدة الفاضح من الفضائيات ، مشاهدة أفلام الرذيلة عبر القنوات الفضائية ، أو عبر أشرطة الفيديو ، أو عبر المجلات الهابطة ، بيع الدخان للناس ، بيع أشرطة الغناء وسماعه ، إدخال النغمات الموسيقية إلى بيوت الله تعالى دون مراعاة لحرمة المساجد وقدسيتها ، السرقة ، حلق اللحى ، تبرج النساء ، عصيان الزوجات لأزواجهن ، عضل البنات عن الزواج من أجل أكل رواتبهن ، مظاهر الشرك حول القبور والأضرحة ، والذبح لغير الله ، ودعاء غير الله ، والنذر لغير الله ، ومعاونة الكفار على المسلمين ، وترك الجهاد في سبيل الله وهو فرض كفاية ، الاحتفال بأعياد وأيام غير مشروعة شرعاً ، ولو أردنا أن نعدد لاحتجنا لوقت طويل ، ومجلدات لنحصي تلك المنكرات والكبائر المهلكات ، وكلها موجودة الآن في بلاد المسلمين ، ولم يسلم بلد منها أو جلها ، ومع ذلك نعجب أننا ندعو فلا يستجاب لنا ، كل ذلك بما كسبت أيدينا ، إما فاعلين للمنكر ، وإما راضين به ، وإما ساكتين عنه ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، ولم نرى من انبرى من أهل العلم اليوم لإيقاف زحف عاصفة التغريب الدينية ، وإفشال المخططات النصرانية اليهودية ، بل رأينا من العلماء الضلال من يؤيد بعض الكبائر ، كتحليل الفوائد البنكية مثلاً ، وهي حرب لله ولرسوله ، أو جواز إدخال الدش إلى المنازل لقصد أو لآخر ، وغير ذلك من سقيم الفتاوى ، ومريض الدعاوى ، نسأل الله الهداية لأمة الإسلام ، والعودة الحميدة إلى الدين القويم ، والصراط المستقيم .

هذا ما أحببت الإشارة إليه ، نُصحاً للأمة ، وإنقاذا لها من الهلاك ، ولواجب تبليغ العلم وعدم كتمانه ، وأرجو كل من اطلع على هذه الأسطر أن يبلغها لغيره ، الإمام في مسجده ، والرئيس في دائرته ، والمرؤوس في عمله ، والوالد في بيته ، والجار لجاره ، والرجل في حيه ، والمرأة لأخواتها في بيتها وعملها ، وهكذا حتى نحصد الثمرة الطيبة من ذلك .
اللهم إنا نسألك علماً نافعاً ، وعملاً صالحاً متقبلاً ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وزدنا علماً ، اللهم إنا نعوذ بك من علم لا ينفع ، ومن قلب لا يخشع ، ومن نفس لا تشبع ، ومن دعاء لا يُسمع ، نعوذ بك اللهم من هؤلاء الأربع ، يا ذا الجلال والإكرام ، يا حي يا قيوم ، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، والحمد لله رب العالمين
اللهم ارزقنا علماً نافعاً وعملاً متقبلاً وجسداً على البلاء صابراً